ويمكن المناقشة فيه : أما تعليق الوجوب على الاختيار والعصيان فكثير في الفقه ، كتعليق وجوب القضاء على ترك الأداء وعصيان أمره ، وكتعليق الكفارات على ارتكاب المحذورات في الصوم والإحرام وغيرهما مما هو كثير.
وأما الأخير فيمكن أن يقال بفعلية عقاب الأهم وتداخل عقاب المهم فيه عند تركهما معا ، ولا محذور فيه من عقل أو شرع ، فيكون منشأ إمكان تعدد استحقاق العقاب إمكان تعدد الخطاب حقيقة أو اعتبارا أو انحلالا ، كما في الواجبات الكفائية. هذا بحسب القواعد ، وأما التفضلات الإلهية على عبيده فهي أمر خارج عن درك عقولنا.
ثم إنه قد اعترف القائلون بامتناع الترتب بإمكانه ووقوعه في العرفيات ، وهذا تهافت منهم من حيث لا يشعرون ، فإن أدلة الشرعيات منزلة على العرفيات ، والدقيات العقلية بمعزل عن الشرعيات ، كما هو أوضح من أن يخفى على الأصاغر فضلا عن الأكابر.
الثالث : أنه على فرض صحته وإمكانه ثبوتا ، فالأدلة قاصرة عن إثباته ، لأنه خلاف المتفاهم العرفي المنزلة عليه الأدلة الشرعية ، إذ ليس كل ما هو ممكن ذاتا بواقع خارجا.
وفيه : أن الترتب من المداليل السياقية ، نظير المفاهيم ، والجمع العرفي عند أهل المحاورة ، وإذا اعترف من ذهب إلى امتناع الترتب شرعا بوقوعه عرفا ، فلا وقع لهذا الاستدلال أصلا.
فإذا ورد خطاب مطلق بالأهم وكذا بالنسبة إلى المهم ، وتحققت شروط التزاحم ، فإما أن يسقطا معا ، أو يسقط الأهم دون المهم ، أو يكون بالعكس ، أو يثبتان معا.
والأول باطل عند الكل ، والثاني ترجيح المرجوح على الراجح ، والثالث إسقاط لأحد الخطابين بلا وجه مع إمكان إبقائه ، فيكون المتعين هو الأخير عقلا