وآيتا المسارعة والاستباق ـ لو تمت دلالتهما ـ لا تكون إلا إرشادا إليها ، فلا يستفاد منهما حكم إلزامي مولوي ، كما أن مقتضى الإطلاق ، وسهولة الشريعة المقدسة هو التراخي بالنسبة إلى الزمان. فصحة التراخي مقتضى التسهيل ، وحسن الفورية مقتضى الارتكاز ، ولا يتعين أحدهما إلا بدليل معتبر. ومن ذلك يظهر أنه لو ترك الفورية لا يرتفع حسنه ، بل يظل حسنه مطلقا فورا ففورا ، ما لم يأت بالمأمور به ، وما لم يسقط التكليف.
الجهة السادسة : الواجب إما متقوّم بإتيانه بقصد الأمر ، ويعبّر عنه بالتعبدي ، أو لا يكون كذلك ، وهو التوصلي ، ولا ريب في ثبوتهما في الشرع ، كالصلاة وأداء الدين.
وقد وقع الخلاف في أن اعتبار قصد الأمر في متعلق العبادة ـ جزء أو شرطا ـ شرعي أو عقلي. فعن جمع أنه عقلي ويمتنع أن يكون شرعيا ، لأنه إن كان بنفس الأمر الواحد المتعلّق بالعبادة ، فهو مستلزم لتقدم ما هو متأخر طبعا ، وهو محال ، لأن موضوع الأمر ومتعلقه متقدم طبعا على الأمر ، كما في العارض والمعروض ، فإذا أخذ الأمر المتأخر عن الموضوع في موضوعه ، يلزم تقدم المتأخر طبعا ، وهو محال.
ويصح تقريب الإشكال بنحو الدور أيضا بأن يقال : إن الأمر متوقف على متعلقه ، والمفروض أن المتعلق أيضا متوقف على الأمر به ، فيلزم الدور ، بل يلزم المحذور في مقام الامتثال أيضا ، لأن الامتثال هو الإتيان بالعمل بأجزائه وشرائطه التي منها قصد الأمر بقصد الأمر ، فيكون قصد الأمر متأخرا طبعا عن الأجزاء والشرائط ، والمفروض أن منها قصد الأمر ، وكيف يصح الامتثال حينئذ؟!.
والجواب : أنه لا محذور فيه ، لاختلاف المتقدم والمتأخر بالحيثية والجهة ، فما هو المتقدم إنما هو لحاظ الأمر بما هو طريق إلى الخارج ، وما هو