الرابع : مفهوم الاستثناء
مقتضى المحاورات المتعارفة في كل لغة أن الاستثناء من الإيجاب سلب ؛ ومن السلب إيجاب ، وأنه يدل على الحصر ، وأن الحكم المذكور في القضية مختص بالمستثنى منه ، والمشهور أن انتفاء حكم المستثنى منه عن المستثنى إنما هو بالمفهوم ، فإن أرادوا ذلك في الجملة وفي بعض الموارد الخاصة لمناسبات مخصوصة فلا إشكال فيه ، وإلا فالظاهر أنه في مثل (ليس) و(لا يكون) بالمنطوق لا بالمفهوم ، لتبادر ذلك منهما في المحاورات ، ولا يبعد ذلك في مثل (إلّا) أيضا إذا كان من حدود الحكم ومتعلقاته.
وأما إذا كان من قيود الموضوع فمرجعه إلى الوصف ، وتقدم عدم المفهوم له ، فيصح أن يقال : إن الأدوات الاستثنائية تدل على انتفاء حكم ما قبلها عما بعدها بالمنطوق لا المفهوم ، إلا في بعض الموارد لقرائن خاصة.
وأما ما قيل : من أنها لو دلت على المفهوم لكان قوله عليهالسلام : «لا صلاة إلّا بطهور» دالا على كون الطهور صلاة ولو لم تتحقق سائر الأجزاء والشرائط.
فهو باطل قطعا ، لأن مثل هذه التعبيرات إنما يقال عند بيان اعتبار ما بعد إلّا لما قبلها تحققا أو كمالا ، فيقال : لا صلاة إلا بطهور ، ويكون عبارة اخرى عن قوله عليهالسلام : «الصلاة ثلث طهور ، وثلث ركوع ، وثلث سجود». وكما يقال : لا علم إلّا بعمل ، ولا إيمان إلا بصبر.
كما أن قبول إسلام من قال : لا إله إلا الله ، لا يدل على ثبوت المفهوم للاستثناء على نحو الكلية ، لما تقدم من احتمال كون الدلالة فيها أيضا بالمنطوق مثل (ليس) و(لا يكون) ، وعلى فرض كونها بالمفهوم فهي لقرينة خاصة ، ولا