بالامتناع أو بالجواز ـ عمدا كان أو لعذر ـ وإن أثم في الصورة الاولى.
ثم إنهم استدلوا على جواز الاجتماع بامور :
الأول : ما عن المحقق القمي رحمهالله من أنه لا فرض لاجتماع الأمر والنهي أصلا ، لأنهما متعلقان بالطبائع ، والفرد مقدمة لوجود الطبيعة ، ومقدمة الواجب ليست بواجبة ، فهذا البحث لا موضوع له أصلا ، وعلى فرض وجوب مقدمة الواجب لا مانع من اجتماع الوجوب الغيري مع النهي النفسي ، وإنما الممنوع هو اجتماع النفسي منهما.
ويرد عليه : أن الفرد عين الطبيعة ، كما ثبت في محله ، مع أنه تقدم عدم الفرق بين أقسام الأمر والنهي ، مضافا إلى أنه بناء على مقدمية الفرد للطبيعة لا فرق بين الأمر والنهي ، فكيف جعل رحمهالله الأمر مقدميا والنهي نفسيا.
الثاني : أن الامتناع لأجل التضاد وهو ثابت بين جميع الأحكام الخمسة ، ولا اختصاص له بخصوص الوجوب والحرمة ، وقد جمع الوجوب مع الاستحباب ، كالصلاة في المسجد ، وهو مع الكراهة ، كالصلاة في الأمكنة المكروهة ، والاستحباب مع الكراهة ، كصوم يوم عاشوراء ، والصلوات المبتدئة في الأوقات الخاصة ، فما يجاب به عن الاجتماع في هذه الموارد ، يجاب به عن اجتماع الوجوب والحرمة أيضا.
وفيه : أولا : أنه لا تضاد بين الوجوب والكراهة ، وبينه وبين الاستحباب ، وبين الكراهة والاستحباب بحسب الأنظار العرفية المنزّلة عليها الأدلة الشرعية. فيكون خروجها عن مورد البحث تخصصا لا أن يكون تخصيصا ، حتى يحتاج إلى دليل.
ويمكن المناقشة فيه : بأن التضاد أمر واقعي عقلي لا ربط لنظر العرف بالنسبة إليه ، مع أن الوجوب والندب ، والكراهة والاستحباب ، متضادان عرفا أيضا.