الأمر الثاني عشر :
وقع النزاع في أن الألفاظ مطلقا موضوعة للمعاني الصحيحة ، أو للأعم منها ومن الفاسد. ولا اختصاص لهذا النزاع بخصوص المخترعات الشرعية ، كما يظهر من الكلمات ، بل يجري في جميع الألفاظ مطلقا.
والظاهر هو الوضع للأعم ، لأن الصحة إما قيد للموضوع له ، أو يكون الوضع في حال الصحة مع عدم لحاظ القيدية ، وعلى كل منهما إما أن يراد بها الصحة الفعلية من كل حيثية وجهة ، أو الصحة الاقتضائية الشاملة للفعلية وغيرها.
ولا وجه لاحتمال القيدية مطلقا ، لأنه خلاف الأصل والوجدان ، كما لا وجه لاحتمال الوضع في حال الصحة الفعلية ، لأن للصحة مراتب متفاوتة جدا ، وبناء نظام التكوين على التغير والتبدل ، فيكون الموضوع له أي مرتبة منها ، فيتعين أن تكون الألفاظ موضوعة للمعاني في حال الصحة الاقتضائية الجامعة لجميع المراتب ، وهي عبارة اخرى عن الأعم ، فيكون النزاع لفظيا ، إذ لا فرق بين الأعم والصحة الاقتضائية.
ثم إنه نسب إلى المشهور أن ألفاظ العبادات موضوعة للمعاني الصحيحة. فإن كان مرادهم الصحة الاقتضائية ، فلا فرق بينها وبين الأعم. وإن كان مرادهم الصحة الفعلية من كل جهة ، فلا دليل لهم ، كما تقدم ويأتي.
ثم إنه قد اطيل الكلام في جريان النزاع على القول بعدم ثبوت الحقيقة الشرعية. والظاهر عدم الاحتياج إلى الإطالة ، بل ينبغي أن يقال : إن المسمى في هذه الألفاظ في لسان الشرع وتابعيه ، خصوص الصحيحة أو الأعم منها ، فيشمل النزاع ما إذا لم تثبت الحقيقة الشرعية أيضا.
ولا بد من التنبيه على امور :