الرابع : المراد بالامتثال بما له من العرض العريض ، لا سيما في الصلاة والحج لكثرة ما ورد من التسهيلات الامتنانية فيهما. وسقوط الأمر به أعم من القبول ، لأنه عن القبول موانع كثيرة ، كما له مراتب كثيرة ، وبعض مراتبه ملازم لسقوط الأمر ، وإن كان بعض مراتبه الاخرى ملازما للتقوى ، فلا يختلط القبول بسقوط الأمر بالامتثال. إذا عرفت ذلك فنقول : إن البحث في مسألة الإجزاء من جهات :
الجهة الاولى : في سقوط كل أمر بالنسبة إلى امتثاله ، كسقوط الأمر الواقعي عند امتثاله ، وسقوط الأمر الظاهري عند امتثاله ، وسقوط الأمر الاضطراري مع امتثاله ، وسقوط الأمر الاعتقادي عند امتثاله ، وهذا السقوط واضح لا ريب فيه ، لأن الامتثال مطابقا للوظيفة المقررة فيه علة تامة لحصول الغرض ، وهو داعوية الأمر للامتثال ، والداعوية وجدانية ، ومطابقة المأتي به للمأمور به كذلك أيضا فلا بد من سقوط أمره ، لأن فرض عدم السقوط إما لأجل عدم تحقق الداعوية ، أو لأجل عدم مطابقة المأتي للمأمور به ؛ أو لأجل دخل شيء آخر في السقوط.
والكل خلف الفرض ، أو لأجل الشك في القبول ، وقد مر أنه أعم من الامتثال وسقوط الأمر ، فيتعين أن يكون امتثال الأمر الواقعي مسقطا لأمره ، فلا يبقى موضوع للامتثال بداعي الأمر بعد ذلك لسقوط الأمر.
وأما الامتثال بدواع صحيحة اخرى فلا بأس به رجاء للأصل ، بل قد يكون راجحا إذ انطبق عليه عنوان حسن شرعا ، وقد ورد في الصلاة المعادة : «إنّ الله تعالى يختار أحبّهما إليه» ، وقوله تعالى : وَجاهِدُوا فِي اللهِ حَقَّ جِهادِهِ . وإذا انطبق عنوان المجاهدة في الله على الاتيان ثانيا يصير راجحا قهرا ما لم يكن من الوسوسة. ولا فرق في هذه الجهة بين الأوامر الواقعية والاضطرارية والظاهرية والاعتقادية.