الأول : الإجزاء
إذا ورد ذكر من الأمر وتحقق امتثال من المأمور به كما قرره وجعله الآمر ، فالعقل يحكم بالملازمة بين امتثال المأمور به على ما قرره الآمر وسقوط الأمر به ، وهذا البحث ـ في الجملة ـ من صغريات المسألة المبرهن عليها في العلوم العقلية : من استحالة تخلّف المعلول عن العلة التامة المنحصرة ، على ما يأتي تفصيله إن شاء الله تعالى.
تمهيد فيه امور :
الأول : لا ربط لهذا البحث بمبحث المرة والتكرار الذي تقدّم البحث عنه ، ولا بمبحث تبعية القضاء للأداء وعدمه الذي يبحث عنه في علم الفقه ، لأن البحث فيهما إنما هو في مقام بيان أصل المأمور به وتعيين حدوده وقيوده شرعا بحسب الثبوت ومقام التشريع ، والبحث في المقام في أنه بعد ثبوته بحدوده وقيوده شرعا هل يكون امتثاله موجبا لسقوطه أو لا؟ فلا ربط له بهما.
الثاني : قد ذكر القوم في عنوان البحث : «الإتيان بالمأمور به على وجهه» ، وأطالوا القول في بيان معنى الوجه ـ كما هي عادتهم في غالب الموارد ـ ونحن في غنىّ عن ذلك بعد إسقاط هذا اللفظ لعدم الفائدة فيه رأسا ، وأبدلنا عنه بقولنا : «كما قرره وجعله الآمر» بالمعنى الأعم من التقرير والجعل حتى يشمل المجعولات الثانوية التسهيلية المتممة للجعل الأولى.
الثالث : الأمر إما واقعي ، أو اضطراري ويعبّر عنه بالواقعي الثانوي أيضا ، أو ظاهري يكون مفاد الأمارات والاصول والقواعد المعتبرة ، أو اعتقادي ، ومورد البحث يشمل جميع هذه الأقسام الأربعة.