الأمر الحادي عشر :
لا ريب في أن المعاني إما من التكوينيات ـ جوهرا كانت أو عرضا ـ أو من الاعتباريات العقلائية ، كالبيع والصلح ، والإجارة ونحوها ، أو من المخترعات ، كالصلاة والصوم والحج ونحوها. ولا خلاف في أن ألفاظ غير الأخيرة من الحقائق اللغوية ، ولا وجه لجريان نزاع الحقيقة الشرعية فيها.
نعم ، زاد الشارع في بعضها حدودا أو قيودا ، كالكر ، والسفر ، والبيع ، والإجارة ونحوها.
وأما الأخيرة فاختلفوا فيها من جهتين :
الاولى : هل هي من المعاني المستحدثة في خصوص الشريعة الختمية أو كانت في جميع الشرائع الإلهية ، مع الاختلاف في خصوصياتها في الجملة؟ يظهر من جملة من الآيات ، والنصوص الكثيرة الواردة في حالات الأنبياء عليهالسلام الثاني والشريعة الختمية إنما أكملها ، لا أنه أوجد معنى لم يكن الأنبياء يعرفون ذلك المعنى ، فهذه المعاني كانت في جميع الرسالات السماوية وإنما أكملتها الشريعة الختمية ، كما أكملت جميع المعارف الربوبية.
الثانية : هل تكون ألفاظ هذه المعاني مسبوقة بالعدم قبل شرع الإسلام؟ وإنما أوجدها الشارع ، أو إنها كانت مستعملة في معان لغوية وإنما استعملها الشارع في ما أراد على نحو استعمال الكلي في القرد ، بمعنى الصلاة هو الدعاء والميل والعطف ، والزكاة هو التطهير ، والحج هو القصد. وحيث أن الصلاة المتعارفة من مصاديق الدعاء ، والزكاة من مصاديق طهارة المال ، والحج من مصاديق القصد ، استعملها الشارع فيها لا أن يكون وضع حادث في الإسلام تخصيصا أو تخصصا؟ قولان : الحق هو الأخير ،