العبادة (بالمعنى الأخص) في اصطلاح العلماء ، وهذا هو مورد البحث في المقام.
وقد تطلق العبادة على ما يمكن أن يقصد بها التقرّب إليه عزوجل ، ويطلق عليها العبادة (بالمعنى الأعم) ، فيشمل جميع المباحات والمندوبات التوصلية ، بل ترك المحرمات أيضا ، لإمكان قصد التقرب بالجميع ، وترتب الثواب عليه ، كما تطلق المعاملات تارة على خصوص العقود والإيقاعات ، واصطلح عليها بالمعاملات بالمعنى الأخص ، واخرى على ما يقابل العبادات بالمعنى الأخص ، فيشمل الجميع ، أي كلما لم يكن عبادة بالمعنى الأخص ، وهذا هو المراد من قولهم في المقام ، النهي في المعاملة لا يوجب الفساد ، كما ستعرف.
الثالث : الصحة والفساد من الاعتباريات الإضافية تنتزعان من مطابقة الشيء لما هو المطلوب منه ومخالفته له ، ويطلق عليهما التمامية وعدمها ، ولا يختصان بالمجعولات الشرعية أو العرفية ، بل تجريان في التكوينيات أيضا ، وحيث أنهما من الامور الإضافية فيمكن أن يتصف شيء واحد بالصحة والفساد بالنسبة إلى شخصين ، بل بالنسبة إلى شخص واحد من جهتين وحالتين.
الرابع : النهي إما أن يتعلّق بذات العبادة ، كقوله تعالى : لا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ. أو بجزئها ، كقوله عليهالسلام : «لا تقرأ العزيمة في المكتوبة». أو شرطها ، كقوله عليهالسلام : «لا تصلّ فيما لا يؤكل لحمه» ، ويسري النهي في الآخرين إلى الذات أيضا عرفا ، لأن التقرّب بالمشتمل على المبغوض مما يستنكر لدى العقلاء ، هذا مع أن النهي بكلا قسميه ـ جزء كان أو شرطا ـ إرشاد إلى فساد المركب أو المقيد به ، كما هو المعروف بين الفقهاء ، فيكون فساد العبادة المنهي منها بقيدها من باب الوصف بحال الذات لا المتعلق ، وهو