مثل فساد العبادة المنهي عنها بذاتها من غير فرق ، إلا أنه بحسب الدقة العقلية يكون من باب الوصف بحال المتعلّق ، لكن الأدلة غير منزّلة عليها ، كما هو معلوم.
وبهذا يمكن أن يجمع بين الكلمات ، وقد تعرضنا للأمثلة في (مهذب الأحكام) في موارد شتى ، كالرياء في جزء العبادة ، وقراءة سورة العزيمة ، والقرآن بين السورتين ، والزيادة العمدية وغير ذلك مما هو كثير ، والكبرى واحدة وإن تعددت الصغريات.
الدليل على اقتضاء النهي في العبادات ـ الفساد
مما يشهد به وجدان كل عاقل أن التقرب إلى المعبود بما هو مبغوض ومنفور لديه مستنكر وقبيح وباطل ، فهذه المسألة مما يكفي نفس تصورها بالاستدلال عليها ، وتكون من القضايا التي قياساتها معها.
ولو شك في المسألة الاصولية في أنه هل تثبت الملازمة بين النهي والفساد ثبوتا؟ فمقتضى الأصل عدم الثبوت بالعدم الأزلي ، فإن العدم النعتي ليست له حالة سابقة ، كما هو واضح ، مع أن نفس الشك في الثبوت وعدمه يكفي في عدم الثبوت ، فلا بد من قيام حجة معتبرة عليه ، وإلا فمقتضى الأصل عدم الاعتبار ، وكذا لو شك في دلالة النهي عليها في مقام الإثبات بإحدى الدلالات المعتبرة ، فبالأصل الجاري في عدم الدلالة بالعدم الأزلي تنتفي تلك الدلالة ، مع أن الشك في ثبوت الدلالة يكفي في عدمها ، كما مرّ فتكون النتيجة في المسألة الاصولية مطلقا عند الشك فيها عدم إحراز الفساد ، بلا فرق في ذلك بين العبادات والمعاملات ، فيصح التمسك بإطلاقات الأدلة وعموماتها للصحة لو لم يكن التمسك بها من التمسك بالدليل في الموضوع المشتبه ، لا سيما في العبادات ـ لما تقدم آنفا ـ من أن قبح التقرّب إلى المعبود بما هو