سلبيا أيضا ، بأن يقال : الأصلي ما لم يكن عن إرادة تبعية ، والتبعي ما لم يكن عن إرادة استقلالية ، ولا يجري الأصل حينئذ ، لكونه مثبتا.
ويمكن تعريف الأول سلبيا والأخير إيجابيا ، لأن شرح اللفظ خفيف المئونة يصح بكل وجه أمكن ، وعند الشك تجري أصالة عدم الحدوث عن إرادة تبعية ، فتنتفي التبعية وتثبت الأصلية ، ولا تعارض أصالة عدم الأصلية لفرض أن الأصلي عدمي ، وتكون أصالة عدم الحدوث عن إرادة تبعية مفادا مطابقيا للأصلية ، كما أنه يمكن العكس بجعل الأول إيجابيا والأخير سلبيا ، فيجري الأصل في الأصلي ويكون مفادا مطابقيا للتبعي ، وكل هذه الوجوه ممكنة ثبوتا ، ولا يبعد مساعدة العرف على الثالث.
ومع عدم التعيين لا يجري الأصل لعدم إحراز الموضوع ، فتصل النوبة إلى الأصل الحكمي وهو أصالة الاشتغال مع فعلية خطاب المتبوع ، والبراءة مع عدمها. هذا كله في الاحتمالات الثبوتية.
وأما في مقام الإثبات ، فقيل : إن الواجب إن كان مفاد الدلالة الاستقلالية المعتبرة ومقصودا مستقلا بالإفادة فأصلي وإلا فتبعي ، وهو من مجرد الدعوى ولا شاهد عليها من عقل أو نقل ، إذ رب واجب تبعي يستفاد من الدلالة الاستقلالية ، ورب واجب أصلي يستفاد من غير الدلالات الاستقلالية ، كالمفاهيم ونحوها. ويمكن أن يكون كل من الواجب النفسي والغيري أصليا وتبعيا في مقام الإثبات كما لا يخفى. ثم إن الواجب النفسي ينطبق على الأصلي غالبا ، والغيري على التبعي كذلك.