فتكلّمه تعالى عبارة عن خلق الأصوات والحروف والهيئات ، كما أن إيجاده تعالى لسائر الممكنات عبارة عن خلقها ، فلا ملزم للكلام النفسي بوجه ، لا فيه تعالى ولا في غيره. إلا أن يكون مرادهم به تقدير الكلام والقضاء به قبل خلقه ، فله وجه ، إذ ما من شيء إلا وله قضاء وقدر مطلقا ، سواء كان في فعله تعالى ، أم في فعل غيره. وكذا يصح أن يكون المراد بالكلام النفسي النسبة الكلامية القائمة بالطرفين ، ولا مشاحة في الاصطلاح. نعم ، لا ريب في وجود الأحاديث النفسانية في الإنسان ، كما يدل عليه الوجدان ، فإن أرادوا بالكلام النفسي في الإنسان ذلك فلا إشكال فيه.
هذا ، وفي جملة من الروايات التصريح بأن كلامه تعالى حادث ، لا أن يكون قديما ولا نفسيا.
ثم إن من فروع الكلام النفسي مسألة أن القرآن مخلوق أو قديم. ولا وجه للقدم في القرآن إلا علمه تعالى الأزلي بما لا نعرف كيفية تعلّقه به ، وبغير ذلك لا يتصور معنى للقدم ، فلا وجه لكون القرآن قديما أيضا ، إلّا أنه تعالى عالم بما ينزله من القرآن. والقدم بهذا المعنى لا يختص بالقرآن ، بل يعمّ جميع ما سوى الله تعالى مما يعمه علمه عزوجل.