ان الآية ٣٨ من سورة الأنفال (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ يَنْتَهُوا يُغْفَرْ لَهُمْ ما قَدْ سَلَفَ) مختصة به ، وكذلك قياسه على التوبة والحج والهجرة في بعض الروايات ، أيضا من هذا الباب ، ولكن سيأتي ان للقاعدة معنى أوسع من التوبة وأشباهها الموجبة للغفران فقط.
فعلى هذا يرتفع آثار الفسق عن الكفار بعد إيمانه ، ولا يضرب حدا ولا تعزيرا.
وأما بالنسبة إلى العبادات التي لها «قضاء» كالصلاة والصوم فهذه وان لم تكن عقوبة بل تداركا لما فات ، ولكن الإنصاف ان عموم حديث الجب يشملها أيضا ، ولذا صرح غير واحد من الأصحاب بارتفاع القضاء عنه بعد الإسلام استنادا الى حديث الجب.
قال في الجواهر بعد كلام المحقق في الشرائع «انه لا يجب على الكافر القضاء الا ما أدرك فجره مسلما» ما نصه : لأن الإسلام يجب ما قبله ، بناء على منافاة القضاء وان كان بفرض جديد لجب السابق ، باعتبار كون المراد منه قطع ما تقدم وتنزيله منزلة ما لم يقع (١).
وذكر في موضع آخر منه : ويسقط القضاء بالكفر الأصلي بلا خلاف أجده فيه ، بل في المنتهى وغيره الإجماع ، بل في المفاتيح نسبته إلى ضروري الدين للنبوي «الإسلام يجب ما قبله» وبذلك يخص عموم من فاتته (٢).
وفي «العناوين» : الظاهر ان الإسلام يجبّها (اي حقوق الله المختصة به) مطلقا للخبر ، ولظاهر الإجماع فلا يجب عليه قضاء العبادات البدنية.
ومما يدل عليه دلالة ظاهرة السيرة المستمرة من لدن زمن النبي صلىاللهعليهوآله الى زماننا هذا انه لا يلزم من أسلم بقضاء عباداته بالنسبة إلى السنين السابقة ، ولو كان لبان
__________________
(١) الجواهر ج ١٧ ص ١٠.
(٢) الجواهر ج ١٣ ص ٥٦.