عن النهاية انه أخذ مال الغير ظلما وعدوانا ، وما عن بعض الشافعية زيادة جهارا ، لتخرج السرقة ونحوهما ، وفي الشرائع والقواعد وغيرهما انه الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير عدوانا (ذكروه في كتاب الغصب).
وقريب منه ما عن بعض آخر انه الاستيلاء على مال الغير بغير حق.
ومن المعلوم ان جميع ذلك مباين للإتلاف فإن أخذ الشيء عدوانا ، أو جهارا أو الاستقلال بإثبات اليد على مال الغير ، أو شبه ذلك ، قد يكون من مقدمات الإتلاف وقد لا يكون ، وكيف كان ليس بإتلاف ، فرب شيء يستولي الإنسان عليه عدوانا ولا يتلفه ، وبالعكس رب شيء يتلفه الإنسان ولا يستولي عليه ، كما في من القى حجرا من خارج الدار فكسر بعض ما فيه.
نعم الغصب ملازم في الغالب لإتلاف المنافع ، فان من استولى على شيء واستوفى منافعه ، أو تلف المنافع تحت يده بغير استيفاء ، فغصبه ملازم لإتلاف بعض المنافع ، ولكن مع ذلك قد ينفك منه ، كما إذا أخذ بزمام الدابة أو استولى على السيارة ، وكان سائقها ولكن استوفى منافعه في تلك الحالة مالكها بالركوب عليها.
وبالجملة لا تلازم بين «الغصب» و «الإتلاف» ، بل لكل منها مفهوم مستقل.
ولكن العمدة انه ليس عنوان الغصب مأخوذا في لسان أدلة الاحكام ، الا نادرا مثل «الغاصب يؤخذ بأشق الأحوال» مع ما فيه أيضا من الكلام ، كما ان الإتلاف أيضا كذلك ، لما عرفت من ان قاعدة «من أتلف مال الغير فهو له ضامن» مصطادة مما ورد في موارد مختلفة لا بهذا اللفظ ، بل بما يكون من مصاديقه أو يوافقه معنى ، فلا يهمنا البحث لا عن لفظة «الغصب» ، ولا عن لفظة «الإتلاف» بعد عدم الاعتماد عليهما في لسان أدلة الشرع.