ودلالتها على حجية قول العدلين واضحة ، وان لم يكن موردها خصوص الشهادة بل يحتمل كونهما مع ذلك وصيين عن الميت ، فاذا قبلت قولهما في الشهادة والوصاية فقبوله في الشهادة المجردة عن الوصاية بطريق اولى.
واما قوله تعالى (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) فالمراد منه على الظاهر شاهدان آخران ثقتان من غير المسلمين إذا لم يوجد من المسلمين ، ولا شك انه مختص بحال الضرورة ، والا فالأيمان شرط بلا اشكال.
واحتمل بعضهم ان يكون المراد من قوله (مِنْكُمْ) من أقاربكم و (غَيْرِكُمْ) اي من الأجانب (١).
وقد يقال ان قوله (أَوْ آخَرانِ مِنْ غَيْرِكُمْ) منسوخ ولكن المشهور بين الأصحاب بقائه وعدم نسخه ، وتخصيصه بشهادة أهل الذمة مع تعذر شهادة المسلمين في الوصية.
واما القيود الأخر الواردة في هذه الآية من قوله (تَحْبِسُونَهُما مِنْ بَعْدِ الصَّلاةِ.) سواء كانت واجبة أو مستحبة فهي مختصة بموردها ، وما يلحق بها ، ولا ينافي ما نحن بصدده.
ومنها قوله تعالى في حكم كفارة قتل الصيد في حال الإحرام (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً فَجَزاءٌ مِثْلُ ما قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ)(٢).
دل على وجوب كون الكفارة مماثلا للحيوان الذي اصطاده ، وحيث ان المماثلة قد تخفى وتكون موردا للشك وجب ان تكون بحكم ذوي عدل ، اي خبرتين عدلين.
__________________
(١) حكاه في «كنز العرفان» عن بعض من لم يسمه (ج ٢ ص ٩٧ كتاب الوصية).
(٢) المائدة : ٩٥.