وهل المراد المماثلة في الكبر والصغر والنوع ، أو المماثلة في القيمة؟ الظاهر هو الأول واليه ذهب أصحابنا في ما يوحد له مماثل.
وتقييده بقوله (مِنْكُمْ) بعد ذكر العدالة اما من باب التأكيد لأن العدالة لا ينفك عن الايمان والإسلام ، واما من جهة ان العدالة هنا بمعنى الوثاقة الى قد تجتمع مع الايمان وعدمه ، فذكر هذا القيد لاشتراط الايمان.
نعم يرد عليه ان الآية ناظرة إلى حجية قول أهل الخبرة ، مع ان كلامنا في حجية قول الشاهدين في المحسوسات ، ولكن يمكن الجواب عنه بأن حجية قول العدلين في الحدسيات دليل على حجيته في الحسيات بطريق أولى (فتأمل).
ومنها قوله تعالى في أحكام الطلاق (فَإِذا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ)(١)
أي إذا بلغت النساء عدتهن ، والمراد ببلوغ العدة ، كما قيل ، مقاربتها أو مشارفة تمامها بحيث يبقى للزوج مجال للرجوع ، فاما ان يرجع إليها ويحسن معاشرتها فيكون من قبيل الإمساك بالمعروف ، أو يتركها حتى يخرج عدتها فيكون من المفارقة بالمعروف.
وهل الاشهاد بالنسبة إلى الرجوع كما قالت الشافعية ، أو راجع الى الطلاق كما ذهب إليه أصحابنا ، وهو المروي عن أئمتنا عليهمالسلام لكون الكلام في الطلاق ، لا يتفاوت فيما نحن بصدده ، فإنه دليل على حجية قول العدلين اما في الطلاق أو الرجوع وهو المطلوب.
ومنها قوله تعالى في حكم الدين («وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ... وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ)(٢)
__________________
(١) الطلاق : ٢.
(٢) البقرة : ٢٨٢.