دلت الآية على الوجوب أو استحباب كتابة الديون وإشهاد رجلين مسلمين (بقرينة قوله تعالى (مِنْ رِجالِكُمْ) (فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتانِ).
وقوله (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ ...) إشارة إلى العدالة أو الوثاقة.
وقوله بعد ذلك (وَأَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ) ظاهر في إشهاد عدلين ، الذي سبق ذكره ، فالاية دالة على حجية قول العدلين في الديون وكذا في أبواب البيوع.
وكون هذا الحكم بعنوان الوجوب أو الاستحباب لا يهمنا بعد ما عرفت وقال في كنز العرفان : «الأمر هنا عند مالك للوجوب والأصح انه اما للندب أو الإرشاد إلى المصلحة» (١).
ولو لم يكن المقام مقام الإرشاد أمكن القول بوجوبه لظهور الأمر في الوجوب.
وتحصل مما ذكرنا حجية شهادة العدلين في الطلاق ، والوصية ، والدين ، والبيع ، واحكام الكفارات ، وهل يمكن استفادة العموم من هذه الموارد الخاصة ، أو لا بد من الاقتصار على مواردها ، وعدم التعدي منها الى غيرها؟
الإنصاف أنه بحسب الفهم العرفي يصطاد منها العموم بلا اشكال ، لا سيما مع مناسبة الحكم والموضوع ، وقوله تعالى في أحكام الدين (مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى)(٢) الذي هو من قبيل التعليل وهو دليل على العموم ولا أقل من الاشعار.
وبالجملة لو لم يكن في المقام دليل آخر على العموم كفانا ما ورد في الكتاب العزيز ، ولكن ستعرف ان هناك أدلة كثيرة أخرى أيضا.
وقد يستدل هنا بالآيات الواردة في حكم وجوب الشهادة مثل قوله تعالى (وَلا
__________________
(١) كنز العرفان كتاب الدين ج ٢ ص ٤٧.
(٢) البقرة : ٢٨٢.