أمور غير محسوسة تعرف من آثارها ولكنها تعد في نظر العرف أمورا حسية.
فالحس المعتبر في هذا الباب له معنى عام ، يشمل ما كان محسوسا بنفسه ، أو بآثاره التي يكون معها كالمحسوس.
وهكذا الكلام في المسببات التوليدية التي لا ترى إلا أسبابها ، وآثارها ، فقتل النفس وهو زهاق الروح ليس امرا حسيا ، بل المحسوس ضرب العنق بالسيف مثلا أو الإلقاء من شاهق ، أو الإغراق في الماء ، أو الإحراق بالنار ، ثمَّ بعد ذلك لا يرى الحس والحركة في البدن ولا يرى آثار الحيوة فيقال كان زهاق الروح مسببا منه لا محالة.
ومن هذا القبيل الشهادة بالسخاوة والشجاعة وإباء النفس أو البخل والدنائة والجبن وغير ذلك من الصفات النفسية ، فإن جميعها تعرف من آثارها.
وبالجملة المحسوس هنا أعم مما يحس بنفسه ، أو بأسبابه ، أو بآثاره التي تكون معها كالمحسوس بنفسه ، نعم لا يمكن التعدي منها الى غيرها.
فعلى هذا إذا علمنا من قرائن مختلفة ان زيدا قاتل عمرو.
من تلجلج لسانه عند الجواب.
ومن تغيّر حاله عند مشاهدة آثار هذه الجناية.
ومن أجوبته المتناقضة عند السؤال عن القتل.
ومن كونه شديد العداوة مع المقتول ، وسماع الحوار بينهما في ساعة وقوع القتل ، وغير هذه الأمور مما يوجب اليقين بكونه قاتلا ، فشيء من ذلك لا يجوز الشهادة معها على القتل ، ولا تكون داخلا في عنوان البينة ، وان كان القاضي قد يعمل بها لو حصلت عنده بناء على حجية علم القاضي ، وجواز الحكم معه مطلقا ، أو فيما كان قريبا من الحس ، مثل ما روي في قضايا أمير المؤمنين علي عليهالسلام في رجل توفي على عهده وخلف ابنا وعبدا ، فادعى كل واحد منهما انه الابن ، وان الأخر عبد له!
فأتيا أمير المؤمنين عليهالسلام فتحاكما إليه ، فأمر أن يثقب في حائط المسجد ثقبين