والقول بالأخذ بأحدهما مخيرا أيضا بلا دليل ، لان دليل الحجية قامت على حجية كل واحد منهما تعيينا واما حجية واحد منهما على التخيير فلم يدل عليه دليل.
كما ان حجية أحدهما لا بعينه مما لا ينبغي التفوه به ، لما ذكرنا في محلة من ان الواحد لا بعينه لا وجود له في الخارج ، فما في الخارج معين دائما ، وانما يوجد هذا المفهوم في الذهن فقط ، اللهم الا ان يرجع الى القول بالتخيير وقد عرفت حاله.
وحينئذ لا يبقى بحال الا للقول بتساقطهما بعد التعارض ، والرجوع الى أدلة أخرى.
هذا هو مقتضى القاعدة في هذا الباب ولكن هناك روايات كثيرة ، تدل بعضها على وجوب القرعة بين البينات ، وايها وقعت القرعة عليها ، فعلى صاحبها اليمين ، وهو اولى بالحق (١).
وفي بعضها ان الحق لمن حلف مع بينته ، وانهما ان حلفا جميعا جعل المال بينهما نصفين ، وان كان في يد أحدهما وأقاما جميعا البينة كان للحالف الذي هو في يده (٢).
وفي بعضها العمل على طبق اليد من دون يمين ، وانه لو لم يكن في يده جعل المال بينهما نصفين (٣) الى غير ذلك.
وذكر شيخ الطائفة في الخلاف انه إذا تعارضت البينتان على وجه لا ترجيح لأحدهما على الأخر أقرع بينهما فمن خرج اسمه حلف ، واعطي الحق ، هذا هو المعول عليه عند أصحابنا ، وقد روي انه يقسّم بينهما نصفين.
ثمَّ نقل عن الشافعي فيه أربعة أقوال : الأول وهو أصحها انهما تتساقطان وبه قال مالك.
__________________
(١) الوسائل ج ١٨ كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب ١٢ الحديث ٥ و ٦.
(٢ و ٣) الوسائل ج ١٨ كتاب القضاء أبواب كيفية الحكم الباب ١٢ الحديث ٢.