فيها وكان حجيتها نافية لحجيته.
وان شئت قلت : حجية البينة لا يختص بأبواب القضاء ، بل قد عرفت انها عامة في جميع الموضوعات وان لم يكن فيها خصومة تستدعي القضاء ، وحينئذ يبقى الكلام في أنه لم اعتبر فيها العدد مع كفاية خبر الواحد فيها؟
وبعبارة ثالثة : مفهوم العدد لا سيما في أمثال هذه المقامات ينفي جواز الركون الى خبر الواحد في الموضوعات.
والانصاف أنه أهم إشكال يرد على حجيته ، بل الظاهر ان عدم اعتراف كثير من الأصحاب بحجية خبر الواحد فيها ، أو ترديدهم في هذا الأمر ، أو قبولهم للحجية تارة ونفيها اخرى ، انما نشأ من هذا الاشكال.
ولكنه مع ذلك انه قابل للدفع ، وانه يمكن الجمع بين حجيتهما بحيث لا يكون تمانع وتنافر.
توضيحه : ان اخبار حجية البينة ـ كما لا يخفى على من راجعها وتدبر فيها ـ ناظرة في الغالب إلى المسائل المالية والحقوقية الأخرى ، والظاهر ان ذكر البينة فيها انه وان لم تكن موردا للدعوى بالفعل ولكن قد يؤدي الى المخاصمة ، فلا بد من التمسك بحجة ينفع في محكمة القضاء أيضا في المستقبل.
مثلا ورد في كتاب الله العزيز حجية شهادة العدلين في الوصية (١) والطلاق (٢) والدين (٣) والبيع (٤) ومن الواضح ان هذه كلها أمور مالية أو حقوقية قد تكون فيها المخاصمة في المستقبل ، فلا بد من أخذ شاهدين فيها حتى إذا انتهى الأمر إلى المحكمة يكون دليلا يمكن الاستناد إليه في إثبات المدعى.
__________________
(١) المائدة : ١٠٥.
(٢) الطلاق : ٢.
(٣) البقرة : ٢٨٢.
(٤) البقرة : ٢٨٢.