فاغتم رسول الله لذلك. وجاء إليه قتادة فأقبل عليه رسول الله فقال له : عمدت إلى أهل بيت شرف وحسب ونسب فرميتهم بالسرقة؟! وعاتبه عتابا شديدا. فاغتم قتادة من ذلك ، ورجع إلى عمّه وقال له : يا ليتني متّ ولم أكلّم رسول الله. فقد كلّمني بما كرهته. فقال عمّه : الله المستعان.
ثمّ أنزل الله في ذلك على نبيّه : (إِنَّا أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِما أَراكَ اللهُ وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً* وَاسْتَغْفِرِ اللهَ إِنَّ اللهَ كانَ غَفُوراً رَحِيماً* وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ خَوَّاناً أَثِيماً* يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ وَكانَ اللهُ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطاً* ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا فَمَنْ يُجادِلُ اللهَ عَنْهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ أَمْ مَنْ يَكُونُ عَلَيْهِمْ وَكِيلاً)(١)؟!
وروى أبو الجارود عن الباقر عليهالسلام قال : لمّا أنزل (ذلك) أقبل ناس من رهط بشير الأدنين وقالوا له : يا بشير استغفر الله وتب إليه من الذنب! فقال : والذي أحلف به ما سرقها إلّا لبيد! فنزلت : (وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً* وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً* وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً)(٢) فكفر بشير ولحق بمكة.
وأنزل الله في النفر الذين أعذروا بشيرا وأتوا النبيّ ليعذروه قوله : (وَلَوْ لا فَضْلُ اللهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّتْ طائِفَةٌ مِنْهُمْ أَنْ يُضِلُّوكَ وَما يُضِلُّونَ إِلَّا
__________________
(١) النساء : ١٠٥ ـ ١٠٩.
(٢) النساء : ١١٠ ـ ١١٢.