لشدة ضوء الحق (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا) اي كلّما عرفوا الحق تكلّموا به واذا ارتكسوا في الكفر قاموا متحيّرين (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ) لما تركوا من الحق بعد معرفته (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ).
ثم قال للفريقين من الكفار والمنافقين جميعا : (يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا) أي وحدّوا (رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ* الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً وَالسَّماءَ بِناءً وَأَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَأَخْرَجَ بِهِ مِنَ الثَّمَراتِ رِزْقاً لَكُمْ فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ) أي لا تشركوا بالله غيره من الأنداد التي لا تضر ولا تنفع وأنتم تعلمون أنه لا ربّ لكم يرزقكم غيره ، وقد علمتم أن الذي يدعوكم إليه الرسول من توحيده هو الحق لا شك فيه.
(وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَداءَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ* فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجارَةُ أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ) أي لمن كان على مثل ما أنتم عليه من الكفر. ثم رغّبهم وحذّرهم نقض الميثاق الذي أخذ عليهم (اليهود) لنبيّه ، وذكر لهم بدء خلقهم حين خلقهم وشأن أبيهم آدم عليهالسلام وكيف صنع به حين خالف عن طاعته (١).
ويفهم من سياق الآيات أنّ هناك أسبابا لنزولها.
فمنها : ما يفهم من سياق الآية : ٢٦ : (إِنَّ اللهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلاً ما بَعُوضَةً فَما فَوْقَها فَأَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا فَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا فَيَقُولُونَ ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً يُضِلُّ بِهِ كَثِيراً وَيَهْدِي بِهِ كَثِيراً) : أن
__________________
(١) سيرة ابن هشام ٢ : ١٧٧ ـ ١٨١.