فيمابينهم ، فقالت طائفة : حرّم رسول الله صلىاللهعليهوآله الجرّيث ، وقالت طائفة : لم يحرّمه ولكن عافه (١) ولو كان حرّمه نهانا عن أكله.
قال : فحفظت مقالة القوم وتبعت رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى لحقته ، ثمّ غشينارفقة اُخرى يتغدّون فقالوا : يا رسول الله ، الغداء ، فقال : «نعم ، افرجوا لنبيّكم» فجلس بين رَجُلَين وجلست معه ، فلمّا تناول كسرة نظر إلى اُدمهم فقال : «ما اُدمكم هذا؟».
قالوا : ضبّ يا رسول الله ، فرمى بالكسرة وقام.
قال أبو سعيد : فتخلّفت بعده فإذا بالناس فرقتان ، قالت فرقة : حرّم رسول الله صلىاللهعليهوآله الضبّ فمن هناك لم يأكله ، وقالت فرقة اُخرى : إنّما عافه ولو حرّمه لنهانا عنه.
ثمّ قال : تبعت رسول الله صلىاللهعليهوآله حتّى لحقته ، فمررنا بأصل الصفا وفيها قدور تغلي ، فقالوا : يا رسول الله ، لو تكرّمت علينا حتّى تدرك قدورنا ، قال لهم : «وما في قدوركم؟».
قالوا : حُمُرٌ (٢) لنا ، كنّا نركبها فقامت فذبحناها ، فدنا رسول الله صلىاللهعليهوآله من القدور فأكفأها برجله ، ثمّ انطلق جواداً ، وتخلّفت بعده ، فقال بعضهم : حرّم رسول الله صلىاللهعليهوآله لحم الحُمُر ، وقال بعضهم : كلاّ إنّما أفرغ قدوركم حتّى لاتعودونه فتذبحوا دوابّكم.
__________________
(١) ورد في حاشية «ج ، ل» : عاف الطعام والشراب ـ وقد يقال في غيرهما ـ يعافه ويعيفه عَيْفاً وعَيَفاناً ـ محرّكةً ـ وعِيافاً وعِيافة ـ بكسرهما ـ : كرهه فلم يشربه . القاموس المحيط ٣ : ٢٤١ / عاف.
(٢) في «ش ، ج ، ل ، ن ، س» : حمير.