______________________________________________________
البلوى ، ولإطباق الناس في كلّ عصر على خروج كثير من النساء باديات الوجوه والأكف من غير نكير ، خصوصا أهل القرى والبوادي ، ولانتفاء المقتضي ـ وهو : خوف الفتنة ـ إذ لا كلام في التحريم معه.
والثاني : التحريم ، وقوّاه المصنف في التذكرة (١) ، لعموم قوله تعالى ( وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلاّ لِبُعُولَتِهِنَّ ) (٢) الآية ، ولاتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن سافرات ، ولو حل النظر لنزلن منزلة الرجل ، ولأن النظر إليهن مظنة الفتنة ، ولأنهن (٣) محل الشهوة ـ فاللائق بمحاسن الشرع حسم الباب والإعراض عن تفاصيل الأحوال ، كالخلوة بالأجنبية ـ ولحديث الخثعمية ، حيث أتت إلى النبي عليهالسلام بمنى في حجة الوداع لنستفتيه في الحج ، وكان الفضل بن العباس رديف رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فأخذ ينظر إليها وتنظر إليه ، فصرف النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم وجه الفضل عنها ، وقال رجل شاب وامرأة شابة فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان (٤).
وفي هذه الدلائل نظر ، لأن الوجه والكفين مستثنيان ، لقوله تعالى ( إِلاّ ما ظَهَرَ مِنْها ) (٥) وما ادعي من اتفاق المسلمين على منع النساء من أن يخرجن سافرات ، فالمعلوم خلافه ، ولو تم لم يلزم أن يحرم النظر مطلقا بسببه ، لأن هذا الفعل أليق بالمروءة ، وأحرى بالسلامة من الفتنة ، فربما كان على جهة الأفضلية ، على أنه لو علم إطباقهم على وجوبه لم يدل على المراد ، لأنه لم يتحقق الاحتجاب عن الناظر بشهوة
__________________
(١) التذكرة ٢ : ٥٧٣.
(٢) النور : ٣١.
(٣) في « ش » : وهو.
(٤) انظر : سنن الترمذي ٣ : ٢٣٣ حديث ٨٨٥ ، مسند أحمد ١ : ٧٦ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٢٨.
(٥) النور : ٣١.