وصحيحة ابن بزيع : عن الرجل يقصّر في ضيعته ، قال : « لا بأس ما لم ينو مقام عشرة أيّام إلاّ أن يكون له فيها منزل يستوطنه » فقلت : وما الاستيطان؟ فقال : « أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستة أشهر ، فإذا كان كذلك يتمّ فيها متى يدخلها » (١).
وهذه الأخبار أكثر من الأولى. وطائفة منها تعارضها بالتباين كالروايتين الأوليين والمرسلة الأخيرة. وأكثرها أخصّ منها مطلقا من جهة اشتراط الاستيطان والسكنى. مضافا في صحيحتي الحلبي وابن بزيع من جهة اشتراط المنزل أيضا.
هذا إذا حمل مطلق المنزل على المملوك ، وإلاّ فيكون التعارض مع الصحيحتين بالعموم من وجه ، ومع البواقي ـ كما مرّ ـ بالعموم المطلق ، فيجب تخصيص الأخبار الأولى بما نوى فيه العشرة ، كما هو مقتضى الروايات الثلاث المعارضة للأولى ، وبما فيه منزل يستوطنه ، كما هو مقتضى البواقي ، سيّما مع ندرة القائل بمضمونها وموافقته لمذهب جمع من العامة.
ومنه يظهر سقوط ذلك القول جدّا.
دليل القول الثاني على اعتبار الملك : صحيحة الهاشمي ، ومفهوم رواية البزنطي.
وعلى كفاية مطلقه من غير حاجة إلى المنزل : جميع الروايات الأربع الاولى ، وصحيحة سعد المكتفية بالضيعة والسكنى فيها.
وعلى اعتبار الاستيطان : الصحاح الستّ الأخيرة.
وعلى اعتبار ستّة أشهر : اعتبارها في تحقّق الاستيطان شرعا ، للصحيحة الأخيرة.
أقول : ما استدلّوا به للجزء الأول وإن لم تعارضه الروايات التسع الأخيرة ،
__________________
ب ١٤ ح ٨ ، وما بين المعقوفين من المصادر.
(١) الفقيه ١ : ٢٨٨ ـ ١٣١٠ ، التهذيب ٣ : ٢١٣ ـ ٥٢٠ ، الاستبصار ١ : ٢٣١ ـ ٨٢١ ، الوسائل ٨ : ٤٩٤ أبواب صلاة المسافر ب ١٤ ح ١١.