ولا ما قيل من أنّ ما فسّره اللغويون به الوطن لا يتضمّن الملك أصلا ، ولا يعتبره أهل العرف أيضا (١).
لأنّا نقول : ليس المراد اعتباره في معنى الوطن عرفا أو لغة بل ولا شرعا بل نقول : إنّ المستفاد من الأخبار اعتبار الملك في إتمام الصلاة وإن اعتبر غيره فيه أيضا.
إلاّ أنّه تعارضه الأخبار المستفيضة من الصحاح وغير الصحاح الآتية ، المصرّحة بوجوب الإتمام في الدار والبيت والمنزل والأهل وأنّ أهل كلّ بلد يتمّون فيه ، بالعموم من وجه ، والترجيح للأخبار الآتية من جهة الأكثريّة والمخالفة للعامّة ، لأنّهم يقولون بالإتمام في الملك دون غيره فعندهم يشترط الملك ، والموافقة لمفهوم قوله سبحانه ( وَمَنْ كانَ مَرِيضاً أَوْ عَلى سَفَرٍ ) (٢) إذ من يدخل وطنه العرفي الّذي لا ملك له فيه ليس على سفر.
هذا كلّه مع أنّ قوله « وإن كنت في غير أرضك » في الصحيحة لا يمكن إبقاؤه على حقيقته ، وإلاّ لوجب كونه في نفس الموضع المملوك دون غيره كالمسجد ، وهو باطل إجماعا غير مراد قطعا ، فلا بدّ من تجوّز إمّا في الكون في الأرض بأن يراد القرب منها ، أو الكون في حواليها ونحوهما ، أو في لفظ « أرضك » بأن يراد ماله علاقة فيها من نحو ملك أو توطّن أو منزل ، كما يقال : أرض العدوّ وأرض الحبيب ، ولم يتعيّن المجاز ، فلا يمكن الاستناد إليه في الاشتراط.
ومنه يظهر ما في الاستناد إلى مفهوم رواية البزنطي أيضا ، مع أنّ اعتبار مفهومها أيضا محلّ نظر ، إذ ليس من المفاهيم المعتبرة.
ومنه يظهر سقوط الجزء الأوّل من ذلك القول وعدم اشتراط الملك أصلا.
وأمّا ما استدلّوا به للجزء الثاني فيرد عليه : أنّه تعارضه صحيحة ابن بزيع المشترطة للمنزل ، بل صحيحة الحلبي الدالّة على اشتراطه ، بالخصوص المطلق ،
__________________
(١) شرح المفاتيح للوحيد البهبهاني ( المخطوط ).
(٢) البقرة : ١٨٥.