فيجب تخصيصه بهما قطعا. بل يعارضه كلّ ما دلّ على اشتراط الاستيطان والأهل ، لعدم انفكاك صدقهما عن وجود المنزل ، سواء أريد الوطن العرفي أو الشرعي. بل وكذلك الّتي اشترطها في صحيحة سعد. فهي أيضا من أدلّة المخالفين في ذلك الجزء.
ومنه يظهر سقوط ذلك الجزء أيضا وأنّه لا مناص عن اعتبار المنزل أيضا.
وأمّا ما استدلّوا به على الجزء الثالث من اعتبار الاستيطان فهو كذلك ، لدلالة أكثر الأخبار المذكورة عليه.
وأمّا ما استدلّوا به على الجزء الرابع ، وهو كفاية استيطان ستّة أشهر واحدة ولو ماضية في سوالف الأيام وتحقّق الاستيطان به ، فيتمّ الصلاة مع تحقّق ذلك ولو ترك المنزل والاستيطان فيه حينئذ للصحيحة الأخيرة ، فيرد عليه : أنّ قوله « أن يكون له فيها منزل يقيم فيه ستّة أشهر » ليس باقيا على معناه الحقيقي الاستقبالي مجرّدا ، لعدم العلم بالمستقبل ، إلاّ أن يضمّ معه القصد والعزم ، فيكون إمّا بمعنى أقام ، أو يعزم ويريد أن يقيم.
فهو على ذلك يحتمل معنيين :
الأول : أن يكون المعنى : منزل أقام فيه ستّة أشهر.
والثاني : أن يكون المعنى : يعزم على إقامة ستّة أشهر.
وكلّ من المعنيين ممّا يصلح إرادته منه ، بل الثاني أوفق بقوله « يستوطنه » المتبادر منه الفعلية ، أي فعلية القصد وإن لم تكن الإقامة فعلية حتّى يلائم قوله « ما لم ينو .. ».
وليس الثاني مخالفا للإجماع ، لاحتمال كونه مراد أرباب القولين الرابع والخامس ، وإن كان حمله على المعنى الاستقبالي مطلقا من غير تفسيره بالعزم أي عزمه بأن يقيم في الزمان المستقبل ولو في برهة من الأزمنة الآتية ـ كما قيل ـ مخالفا له.
وعلى هذا فتكون الصحيحة مجملة غير صريحة في كفاية الماضي.