وقد يقال بدلالة قوله « توطّنه » و « سكنه » في الصحيحة بضميمة هذه الصحيحة عليه.
أو يقال : دلّتا على كفاية التوطّن والسكنى الماضيين مطلقا ، خرج ما دون ستّة أشهر بالإجماع ، فيبقى الباقي.
ويرد على الأول : أنّ لفظ « توطّنه » يمكن أن يكون بصيغة المضارع من باب التفعل محذوفة منها إحدى التاءين ، أو من باب التفعيل من دون حذف.
وعلى الثاني : أنه ليس المراد بقوله : « سكنه » معناه اللغوي قطعا ، ومجازه يمكن أن يكون جعله مسكنا عرفا أو وطنه أو نحو ذلك ، فلا يفيد شيئا.
وتوهّم استدلالهم في كفاية الماضي بعدم اشتراط مبدأ الاشتقاق في صدق المشتق ونحوه خطأ ، إذ الخلاف في المشتقات ليس في صيغ الماضي والمضارع ، والألفاظ الدالّة على اشتراط الوطن هنا منهما ، ولم يذكر الوطن إلاّ في لفظ بعض السائلين فيما لا يترتّب عليه حكم.
ومن ذلك يظهر سقوط هذا القول كسابقه أيضا.
دليل الثالث أمّا على لزوم المنزل : فدلالة الأخبار عليه ، واشتراط صدق الاستيطان به.
وأمّا على لزوم الاستيطان وتحقّقه بستّة أشهر فما مرّ.
والجزء الأوّل تامّ لا بحث عليه ، وكذا اشتراط الاستيطان.
وأمّا الاكتفاء بستّة أشهر ولو ماضية فقد عرفت ما فيه.
حجة الرابع أمّا على اعتبار المنزل والاستيطان ستّة أشهر فما مرّ.
وأمّا على اعتباره في السنة ، فإن أريد به اشتراط كون الستّة في سنة ، ولا تفيد الستّة المتفرقة في السنين المتعدّدة بأن يقيم في كلّ سنة شهرا أو أقلّ ، وكان مرادهم ستّة أشهر في سنة ولو من السنين الماضية ، فدليلهم على اعتبار كونها في السنة : أنّ المتعارف في ذكر الشهور كونها منسوبة إلى السنين ، فيقال : إنّه أقام شهرا أي من السنة. وعلى كفاية الماضي : ما مرّ.