وإذ قد عرفت أنّ الحق الضمّ في جواز القصر تعرف أنّ القوّة مع جواز القصر ذهابا وما دام في الموضع الأول ، له ولجواز القصر في الأربعة مطلقا ، ووجوبه إيابا. بل الظاهر الأقوى الوجوب في الذهاب في هذه المسألة أيضا ، لما عرفت من أنّ رفع اليد عن أدلّة وجوب الضمّ إنّما كان لشذوذها ، وهو في المسألة مفقود ، ولما مرّ من إطلاقات قصر المسافر ، ولما يأتي ممّا يدلّ على القصر فيما دون الأربعة.
وأصالة التمام في كلّ صلاة ممنوعة ، ولو سلّمت فبما مرّ مدفوعة ، وكون محلّ الإقامة بمنزلة الوطن في جميع الأحكام لا دليل عليه ، وعموم المنزلة التي ادّعي مما لا ينبغي الركون إليه.
وإن لم يبلغ المسافة أربعة فمع قصد إقامة مستأنفة في محلّ الإقامة لا يقصّر مطلقا ، إذ لا موجب له.
ومع عدم قصدها فكالأربعة ، فيقصّر ذهابا وإيابا وفي الموضعين ، باعتبار ضمّ الإياب مع الذهاب هنا وجوبا ، وتدلّ عليه بالتصريح صحيحة أبي ولاّد الآتية في حكم الصلاة في المواطن الأربعة (١) ، ورواية الجعفري الآتية في الفرع التاسع (٢).
ولا يخفى أنّ المراد بعدم قصد الإقامة المستأنفة في محلّ الإقامة هنا عدم قصدها في ذلك السفر مطلقا ولو بعد التردّد إلى الموضع الثاني مرّات. فلو قصدها ولو بعد التردّد يتمّ ذهابا وإيابا وفي الموضعين وجوبا ، كمن قصد الإقامة في بغداد ثمَّ أراد الذهاب إلى الكاظمين عليهماالسلام ، فإن لم يرد إقامة ثانية في بغداد أصلا في هذا السفر يقصّر وجوبا ذهابا وإيابا وفي الموضعين. وإن أراد إقامة ثانية فيها ولو بعد التردّد إلى الكاظمين مكرّرا بأن تكون تلك التردّدات محصورة
__________________
(١) انظر ص ٣٠٧.
(٢) انظر ص ٢٥٩.