فيقال : إنّه لو تقدّم في فعل فالبقاء عليه حتّى يلحق الإمام سبب لانتفاء المتابعة الواجبة ، وسبب الحرام حرام. أو هو ضدّ للمتابعة وضدّ الواجب منهيّ عنه. وعدم البقاء ـ الذي هو العود واللحوق بالإمام ـ سبب لحصول الزيادة في الصلاة ، وهي أيضا محرّمة ، فهو أيضا حرام ، فلم يبق إلاّ إعادة الصلاة.
لا يقال : إنّها موقوفة على قطعها ، وهو أيضا حرام.
لمنع عموم على حرمته يشمل المقام. مع أنّا نقول : إنّها قد قطعت شرعا ، لأنّ إتمامها منهيّ عنه إذ ليس إلاّ بارتكاب أحد المحرّمين.
ولعلّ هذا أيضا مراد ذلك القائل ، وترك ذكر هذه المقدّمة لظهورها ، وأراد أنّ مع ارتكاب أحد الأمرين لا يعلم أنّها العبادة المطلوبة ، لاستلزام أحدهما الزيادة والآخر المخالفة.
وحينئذ يتمّ ما ذكره ، إلاّ أنّه يتوقّف على ثبوت المقدّمة الاولى ، وهي وجوب المتابعة مطلقا حتّى في هذا الفعل الّذي تقدّم فيه سهوا أو عمدا بعد التقدّم بأن يرجع ويتابع.
وهو ممنوع جدّا ؛ إذ عمدة أدلّتها الإجماع ، وانتفاؤه هنا واضح. وصدق الايتمام وعدم انتفائه بمجرّد هذا التقدّم اليسير المتعقّب للمتابعة ظاهر. وخبرا المجالس (١) ضعيفان ، وانجبارهما في المقام غير معلوم ، مع أنّ ثانيهما لا يدلّ إلاّ على حرمة التقدّم عمدا ، وهو مسلّم ، والكلام في وجوب المتابعة فيما تقدّم بعده. والخبران الآخران (٢) موردهما غير هذه الصورة ، لأنّهما وردا لحكم من فرغ قبل الإمام عن القراءة ولم يركع بعد. بل الظاهر من النبوي الأوّل أيضا ذلك ، فإنّ المتبادر عنه أنّه إن لم تركعوا فاركعوا مع الإمام. مع أنّ هذه الروايات لا تشمل الرفع والقيام في المسألة أيضا.
وبالجملة : لا دليل على وجوب المتابعة في فعل حصل فيه التقدّم أصلا ،
__________________
(١) راجع ص ٩٤.
(٢) وهما موثّقتا زرارة ، وعمر بن أبي شعبة ، راجع ص ٩٥.