وعلى هذا فلا يكون لفساد الصلاة وجه أصلا.
بل هاهنا كلام آخر ، وهو : أنّ الظاهر الإجماع على عدم البطلان مطلقا ، إذ صرّح الكل بصحة الصلاة ولم ينقل من أحد القول ببطلانها حينئذ إلاّ ما حكي عن المبسوط أنّه قال : من فارق الإمام من غير عذر بطلت صلاته (١).
ومراده ما إذا فارقه رأسا وأتمّ الصلاة مفارقا له ؛ إذ هو معنى المفارقة ، أو مع عدم تمام القراءة ، لأنّه قال فيه بعد ذلك : وينبغي أن لا يرفع رأسه عن الركوع قبل الإمام ، فإن رفع رأسه ناسيا عاد إليه يكون رفعه مع رفع الإمام ، وكذلك القول في السجود ، وإن فعل ذلك متعمّدا لم يجز له العود إليه أصلا بل يقف حتّى يلحقه الإمام (٢). انتهى.
ومثله الصدوق (٣).
وعلى هذا فلا يصحّ الحكم ببطلان الصلاة ، بل اللازم الحكم بالتخيير بين العود والاستمرار إن قلنا بوجوب المتابعة حتّى في المقام ، وبوجوب الاستمرار إن قلنا بعدم ثبوته ، كما هو كذلك.
وتوضيح ذلك : إنّا لو سلّمنا هذه المقدّمة وضممناها مع المقدّمة السابقة وهي حرمة الزيادة ، فمقتضى المقدّمتين كما مرّ بطلان الصلاة مطلقا ووجوب الإعادة ، إلاّ أنّ الإجماع دلّنا على ارتفاع أحد المحذورين ووجوب أحد الأمرين من الاستمرار حتى يلحق الإمام أو العود للّحوق به ، ولعدم تعيّنه علينا يحكم بالتخيير.
هذا في غير التقدّم في القيام. وأمّا فيه فالحكم التخيير مطلقا مع قطع النظر عن الإجماع أيضا ، لعدم ثبوت البطلان بزيادته ، كما يظهر وجهه ممّا ذكر في تحقيق الزيادة المبطلة في محلّه. ولا بهذا القدر من التقدّم فيه ، لعدم ذكره في أخبار
__________________
(١) المبسوط ١ : ١٥٧.
(٢) المبسوط ١ : ١٥٩.
(٣) لا يوجد في كتبه الموجودة بأيدينا ، وانظر ما حكاه عنه في الذكرى : ٢٧٩.