إلاّ أنّ ها هنا كلاما آخر ، وهو : عدم معلوميّة صدق الإمناء حينئذ ، لأنّه إخراج المني ، وما نحن فيه وإن كان خروجا ولكن لا يعلم كونه إخراجا ، إذ ليس التقبيل بغير شهوة سببا عاديّا له.
والحاصل : أنّه بالنسبة إلى خروج المني كنسبة النوم إلى الاحتلام ، فلا يكون هذا الفرد داخلا في الأصل المذكور رأسا لا أن يكون مستثنى من الأصل ، فإنّ الإمناء إنّما يكون مع طلبه ، كما تشعر به صحيحة الحلبي ، وفيها : قلت : فإنّه أراد أن ينزلها من المحمل ، فلمّا ضمّها إليه أدركته الشهوة ، قال : « ليس عليه شيء ، إلاّ أن يكون طلب ذلك » (١).
ولو لا ذلك لكنّا نقول بوجوب البدنة والشاة معا ، الاولى للإمناء ، والثانية للتقبيل ، لأدلّة كلّ منهما ، ونفي الحسنة للبدنة لأجل التفصيل إنّما ينفيها من حيث التقبيل لا من حيث الإمناء.
وإنّما لم نقل بالبدنتين في صورة التقبيل بالشهوة والإمناء بمثل ذلك الدليل لما ثبت عندنا من أصالة تداخل الأسباب مع اتّحاد المسبّب نوعا.
ولا نبالي بعدم معلوميّة شريك في ذلك القول ، لجواز أن يكون مراد القوم ـ كلاّ أو بعضا ـ بيان كفّارة كلّ فعل بخصوصه ، فيجتمع مع الاجتماع ، مع أنّ المقام ـ لتشتّت الأقوال ـ ممّا لا يعلم فيه إجماع بسيط أو مركّب.
لا يقال : إنّه وإن لم تثبت البدنة حينئذ بالأصل المذكور ـ لما ذكرت ـ ولكن يمكن إثباتها بإطلاق صحيحة الحلبي ورواية عليّ بن أبي حمزة.
لأنّا نقول : بأنّهما أعمّان مطلقا من الحسنة ، لتقييدها بغير الشهوة ، فيجب التخصيص بها.
__________________
(١) التهذيب ٥ : ٣٢٦ ـ ١١١٨ ، الوسائل ١٣ : ١٣٧ أبواب كفّارات الاستمتاع ب ١٧ ح ٥.