الموضوعيّة بالاعتبار المذكور. وإن كان الفرق بينهما من جهة أخرى وهي : عدم تبيّن القضيّة الظاهريّة الشرعيّة في الأولى وتبيّنها في الثانية.
خامسها : ما سلكه بعض أفاضل مقاربي عصرنا أو عاصرناه في « فصوله » :
من أن دليل البراءة لا يثبت ماهيّة المأمور به ولا يبيّنها ولا يعيّن كونها الأقل ؛ نظرا إلى عدم جواز التعويل على الأصول المثبتة ، مضافا إلى أن مفاده مجرّد نفي العقاب فيلزم للقول بالاحتياط من جهة استقلال العقل بلزوم تحصيل المأمور به على سبيل القطع واليقين ما لم يقم طريق ظاهريّ على تبيّنه. والفرق بين المقام وغيره ممّا علم فيه التكليف على سبيل الإجمال مع كون التكليف المتعلّق نفسيّا ـ كما في الأقلّ والأكثر الاستقلاليّين ـ غير خفيّ على المتأمّل.
وما ذكرناه وإن كان ملخّص كلامه إلاّ أن الأولى نقله بألفاظه وطوله. قال قدسسره ـ بعد جملة كلام له في المسألة ونقل الخلاف فيها والإشارة إلى ما ذكره فيها عند البحث في الحقيقة الشرعيّة ـ ما هذا لفظه :
« ونقول : هنا توضيحا وتنقيحا : إنّ أصل البراءة وإن كان باعتبار عموم أدلّته قاضيا بنفي الوجوب الغيري عند الشكّ كالنفسي ، فيصحّ نفي وجوب الأجزاء والشرائط المشكوكة للتوصّل بها إلى فعل الكلّ وللشروط ، إلاّ أن المستفاد من أدلته : إنّما هو مجرّد نفي الحكم لا إثبات لوازمه العادية ككون الماهيّة المجعولة معرّاة عن اعتبار ذلك الجزء ، أو ذلك الشرط ، فلا يصلح دليلا على نفي الجزئيّة