وأمّا وجه الرابع : فهو المنع من تنجّز الواقع الذي لم يقم عليه طريق فإذا كان هنا حرمة للفعل بحسب نفس الأمر ، ولم يكن هناك طريق على حرمته ، أو كان هناك طريق على نفيها لم يكن ثمة عقاب ، والمنع من كون الخطاب المتعلق بالطريق مؤثّرا في نفسه في استحقاق العقاب على مخالفته ، فإذا كان مفاده الإلزام ولم يكن هناك إلزام في الواقع لم يكن هناك مقتض لاستحقاق العقوبة أصلا.
نعم ، لو كان الفعل في الواقع حراما مثلا وكان مفاد الطريق الذي يطّلع عليه بعد الفحص الحرمة أيضا حكم بتنجّز الحرمة الواقعيّة وهذا معنى كفاية موافقة أحدهما في عدم الاستحقاق.
نعم ، لو قيل باستحقاق العقوبة على التحريم لزم الحكم باستحقاق العقاب من جهة في جميع صور عدم العذر سواء اطّلع على الطريق مخالفها أم لا ، غاية ما هناك : تعدّد العقاب عند تنجّز الواقع.
وبمثل ما ذكرنا لا بدّ أن يحرّر الوجه الرابع لا بما أفاده ؛ فإنه مضافا إلى ما فيه : من تخصيص التكليف المتعلّق بالطريق بمن علم به كما ذكره في وجه الوجه الأوّل أيضا ـ مع أنه غير معقول بظاهره ـ يقتضي انتفاء العقاب رأسا ولو خالفهما جميعا كما يشعر به قوله : « من باب حرمة التجرّي » (١) (٢) فإنه ظاهر في كون عقابه
__________________
(١) قال المحقق الهمداني قدسسره :
« أقول : يعني في صورته تأديته إلى إثبات حكم مخالف للواقع » إنتهى. ـ حاشية فرائد الأصول : ٢٩١.