ثمّ إنّ مبنى الاستصحاب عنده لمّا كان على الظّن الشّخصي وأنّه سبب لذلك لو لا الظّن على الخلاف ، أخذ فيه قوله : ( ولم يظنّ عدمه ) (١). ولمّا لم يكن هذا مرضيّا عند الفاضل التّوني قدسسره خالفه في كيفيّة ترتيب القياس وجعل الكبرى قوله : ( وكلّ ما كان كذلك فهو باق ) (٢) أي كلّ ما لم يكن معلوم العدم في الزّمان اللاّحق فهو باق أي يحكم ببقائه شرعا أو عقلا من حيث إنّه كان.
نعم ، كلامه في جعل الاستصحاب مجموع المقدّمتين أظهر من كلام العضدي في ذلك ؛ فإنّه جعل حقيقة الاستصحاب التمسّك وترتيب القياس فلا معنى لحمله
__________________
ففيه : ان الوسط في شرح المختصر مركّب من نفس الحدوث والشك في البقاء بحسب الظاهر ، مع انّ اتّحاد المحمول مع ما في القوانين عبارة أخرى عن إتّحاد التعريفين ؛ لأنّ الدليل عندنا ليس إلاّ الوسط فلا معنى لإنطباق الصغرى خاصّة عليه.
ومنه يظهر : فساد تخصيص الكبرى بالإنطباق على تعاريف القوم ؛ فإنّ هذا التفكيك لا معنى له ؛ لأنّ الموضوع في الكبرى عين الوسط والمحمول فقط ليس إبقاء والتصديق ليس محمولا ؛ فإنّ المحمول هو البقاء ، والظنّ هو الحاصل من القياس وإنّما تسامح فيه كتسامحه في ضمّ الشكّ إلى الحدوث ، بل المجموع حدّ واحد منطبق على تعريف القوم وهو الإستصحاب حقيقة بعد التسامح في ضمّ الشكّ الى الحدوث ؛ فإنّ الوسط إنّما هو الحدوث في القياس الأوّل والبقاء فقط في الثاني.
نعم ، في مقام تطبيق مجرى الأصل الكلّي على المورد يقال : إنّ هذا معلوم الحدوث مشكوك البقاء ، وكلّ ما كان كذلك فهو باق ، ولكن هذا ليس إستدلالا ، كما انّ قولنا : هذا ما أدّى إليه ظنّي وكلّ ما كان كذلك فهو حجّة في حقّي وحقّ مقلّدي أيضا ليس من الإستدلال في شيء ، بل إنّما هو تطبيق فافهم » إنتهى. أنظر محجّة العلماء : ج ٢ / ٦٩ ـ ٧٠.
(١) شرح مختصر الأصول : ج ٢ / ٤٥٣.
(٢) الوافية : ٢٠٠.