__________________
وأمّا الهيئة فلا بدّ من حملها على النّهي عن النّقض بناء وعملا كما هو قضيّة جمع القواعد المقرّرة للشّاكّ ، لا حقيقة كما هو قضيّة أصل وضعها ، وذلك لعدم كون النّقض الحقيقي اختياريا لمكلّف ، لا بالنسبة إلى اليقين كما هو ظاهر القضيّة ، ضرورة انّه لا يكون نقض في مورد الاستصحاب لاجتماعه مع الشّكّ ، وفي مورد قاعدة اليقين وإن كان إلاّ أنّه ليس بإختيار ، لا بالنسبة إلى أحكام اليقين بناء على التصرّف بالتقدير والإضمار ، ولا بالنسبة إلى المتيقّن بناء على التّصرف فيه بإرادته منه ، كما احتمل التّصرف بكلّ منهما بعد جزمه قدسسره بأصل التصرّف ، بداهة عدم التمكّن من بقاء الأحكام الشّرعيّة حقيقة ورفعها ، وكذا غالب الموضوعات الخارجيّة ، لإناطة أمر رفعها وبقائها إلى أسبابها الخارجة عن تحت الاختيار ، مع أنّ الكلام في مشكوك البقاء والارتفاع ، وواقعه يتغيّر عمّا هو عليه من البقاء والإرتفاع ، مع أنّ الإبقاء الحقيقي ليس بمراد وإن كان أمره وجودا وعدما بيد المكلّف.
وقد انقدح بذلك فساد ما أفاده قدسسره في وجه لزوم التّصرف في اليقين على كلّ حال بما هذا لفظه : فانّ النّقض الإختياري القابل لورود النّهي عليه لا يتعلّق بنفس اليقين على كلّ تقدير ، بل المراد نقض ما كان على يقين منه أو أحكام اليقين ، لما عرفت : من أنّ النّقض بالنّسبة إلى ما كان منه على يقين كاليقين ليس باختياريّ أبدا ، وأنّه لا يجدي في إبقاء الصّيغة على حقيقتها كي يلزم ، مع أنّه لو كان يجدي أمكن منع اللّزوم ، إذ تقع الدّوران حينئذ بين التّصرف في الصّيغة والتّصرف في اليقين بأحد التّصرفين ، مع أنّه لا يكاد أن يكون علاقة بين اليقين ومتعلّقه ، مع ما عرفت من أنّ المناسب للنّقض نفس اليقين.
إن قلت : غاية ذلك أنّ النّقض بالنّسبة إلى ما كان على يقين منه ، وآثار اليقين لا يكون باختياريّ ، لكنّه يتطرّق إليه ولو بغير اختيار بخلاف نفس اليقين في مورد الاستصحاب ، فانّه لا يتطرّق إليه أصلا لاجتماعه على ما هو عليه مع الشّك في زمان واحد ، فلا بدّ من التصرّف فيه لأجل صحّة النّهي عن نقضه ، إذ لا يصحّ النّهي بهذا الوجه أي عملا وبناء عن نقض ما لا