للظّن بالقبلة مثلا إنّما هو من حيث انسداد باب العلم بها وهذا المناط لما علم فقده بالنّسبة إلى الوقت فلا معنى للتّعدّي من اعتبار الظّن بالقبلة إلى الظّن بالوقت.
وحاصل هذا الوجه يرجع إلى إمكان التّفكيك فيما لو فقد المناط المعلوم اعتباره بالنّسبة إلى الظّن باللاّزم ، ولكن ما لم يعلم ذلك يبنى على عدم التّفكيك ، هذا ما يقتضيه التّحقيق في اعتبار الظّن بقول مطلق.
وأمّا في خصوص المقام فلا معنى للتّفكيك أصلا ؛ للعلم بعدم الفرق في بناء العقلاء في الأخذ بالظّن الاستصحابي بين حصوله من نفس الاستصحاب الجاري في مورد ، أو من استصحاب آخر يستلزمه. وهذا الّذي ذكرنا هو الوجه في عدم فرق أكثر القائلين باعتبار الاستصحاب من باب الظّن بين الأصول المثبتة وغيرها ، وهو الّذي يقتضيه التّحقيق على هذا القول لما قد عرفت وجهه وستعرفه تفصيلا.
نعم ، يبقى على هذا إشكال : وهو أنّهم يفرّقون في اعتبار الأصول المثبتة بين اللّوازم والمقارنات ـ حسب ما نسب إليهم الأستاذ العلاّمة في مجلس البحث ـ وكذا يظهر من بعضهم : الفرق بين اللّوازم البعيدة في غاية البعد والقريبة ، مع أنّ قضيّة ما ذكرنا عدم الفرق في ذلك كلّه كما لا يخفى هذا. ولعلّنا نفصّل القول في المقام فيما سيجيء إن شاء الله تعالى.
(١٠٢) قوله : ( ولعلّه المراد بما حكاه التّفتازاني ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ١٠٦ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ ظاهر ما حكاه التّفتازاني عن الحنفيّة لا دخل له بالمقام ؛ لأنّ كلامنا في إثبات الأمر الوجودي من جهة إجراء الاستصحاب في الأمر العدميّ ، لا في جواز التّفكيك فيما يترتّب على المستصحب الوجودي