فإن قلت : لم يرد المستدل بما ذكره ادّعاء استحالة تعرّض الشارع لحكم الشّك في الشّبهة الموضوعيّة حتّى يرد عليه ما ذكرته من الإيرادات ، وإنّما أراد منه حسب ما يفصح عنه عبارته : أنّه لمّا كان القول بشمول الأخبار للشّبهة الموضوعيّة مستلزما لتقدير الآثار ونحوها ـ حسب ما اعترف به ( دام ظلّه ) في « الكتاب » ـ فالمراد من عدم نقض المتيقّن بالشّك ـ إذا كان هو الموضوع ؛ هو عدم نقض آثاره بالشّك ، وهذا بخلاف نسبة عدم النّقض إلى الحكم ؛ فإنّها ملحوظة بالنّظر إلى أنفسها لقابليّة جعلها في الظّاهر نظير جعله في الواقع.
ومن هنا نقول : بترتيب جميع اللّوازم عليه عقليّة كانت ، أو شرعيّة. كان القول بالتّعميم مستلزما إمّا لاستعمال اللّفظ في أكثر من معنى ـ الّذي منع عن جوازه أهل التّحقيق من الخاصّة والعامّة ـ أو للتّقدير ـ الّذي هو خلاف الظّاهر ، فلا يجوز ارتكابه مع عدم قضاء الدّليل عليه ـ أو للتّصرّف في ظاهر الكلام : من حيث ظهوره في نسبة النّقض إلى نفس المتيقّن لا أمر آخر.
ولا يخفى الفرق بين هذا وسابقه ، فهذا هو مراد المستدلّ ولا يرد عليه شيء ممّا تقدّم ، ولا يدفعه أيضا ما ذكره ( دام ظلّه ) بقوله : ( ويدفعه : ... إلى آخره ) (١) ؛ لأنّا لا نسلّم أنّ المراد من عدم نقض الموضوع هو ترتيب الآثار ، لكن هذا التّفكيك يحتاج إلى دليل ؛ لأنّه مخالف لما تقدّمنا من الظّهورات ، فهذا الدّفع ممّا لا مساس له بكلام المستدلّ كما لا يخفى.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ١١٢.