وأجاب عنه ( دام ظلّه ) في مجلس البحث : بأنّ المطلوب بالنّهي وإن كان هو التّرك لكنّه من حيث كونه مرآة لحال الفعل من جهة تعلّق الكراهيّة والمبغوضيّة به وليس التّرك في النّهي مطلوبا بنفسه وإلاّ لم يبق فرق بين النّهي وصيغة اترك وحينئذ يرجع ملاحظة التّروك شيئا واحدا إلى ملاحظة الفعل بإحدى الملاحظتين ، فيرجع الأمر بالآخرة إلى ما ذكرناه : من الأقسام باعتبار الفعل ، فلا يكون قسم آخر في المقام أهمل ذكره ، ولو فرض كون اجتماع التّروك مطلوبا مستقلاّ فيدخل في الأمر ، هكذا ذكره ( دام ظلّه العالي ) وأنت بعد التّأمّل فيه تجده في كمال الجودة وإن كان قد يورد عليه أيضا بما هو واضح الاندفاع.
(١٩٤) قوله ( دام ظلّه ) : ( فإن كان تخييرا فالأصل فيه وإن اقتضى عدم ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ١٨٠ )
أقول : حكم ما بعد الغاية إن لم يكن إلزاما على المكلّف ، فلا إشكال في الحكم بالجواز عند الشّك في الغاية ، وإن حكم العقل برجحان الفعل عند الشّك في الغاية لو كان حكم ما بعدها استحبابا ، أو التّرك إن كان مكروها مع قطع النّظر عن إجراء الأصل الموضوعي ، وهو أصالة عدم تحقّق الغاية حسب ما هو المفروض في كلام الأستاذ العلاّمة.
ومنه يظهر : أنّه ليس من الحكم بالإباحة في شيء وإن كان إلزاما سواء كان بالنّسبة إلى الفعل أو التّرك ، فلا إشكال في عدم جواز الحكم بالجواز بمعنى التّرخيص في الفعل والتّرك معا لاستقلال العقل بوجوب الاحتياط حينئذ على ما عرفت سابقا أيضا. هذا كلّه مع قطع النّظر عن إجراء الأصل الموضوعي وإلاّ فلا إشكال في الحكم بالجواز.