نعم ، قد يقال بوجوب الفحص في إجراء الأصل في بعض صور الفرض من جهة لزوم المخالفة كثيرا من إجرائه بدون الفحص وهو مشكل ، وعلى تقديره لا يقدح فيما ذكرناه. وإن كان مردّدا بين الإلزام وغيره ، فلا إشكال في جواز الرّجوع إلى أصالة البراءة حينئذ مع قطع النّظر عن إجراء الأصل الموضوعي كما لا يخفى.
(١٩٥) قوله ( دام ظلّه ) : ( ولعل الوجه فيه : أنّ الحكم بالتّخيير في زمان الشّك ... إلى آخره ). ( ج ٣ / ١٨١ )
أقول : لا يخفى عليك أنّ مقتضى هذا الكلام مساواة الأمر في التّخييري للأمر في الاقتضائي لا أظهريّته منه ، والأوجه أن يقال في وجه الأظهريّة : أنّ اختلافهم في إجراء قاعدة الاشتغال حتّى بالنّسبة إلى أمثال المقام ـ حسب ما يظهر من بعض الأفاضل ـ وعدم اختلافهم في إجراء البراءة في محلّ الفرض ـ حتّى من الأخباريّين فضلا عن الأصوليّين فتدبّر ـ يوجب أظهريّة أمر الحكم التّخييري عن الاقتضائي ، ولعلّ المراد من قوله : ( الثّابتة في المقام ) (١) الإشارة إلى أظهريّة أمر البراءة من أمر الاحتياط.
ثمّ إنّه قدسسره وإن لم يشر إلى الوجه في إبقاء الحكم الاقتضائي الغير الإلزامي في صورة الشّك كما هو الظّاهر من كلامه ، إلاّ أنّه يظهر حكمه ممّا ذكره في الاقتضائي الإلزامي على ما عرفت الإشارة إليه ، فالكلام فيه تقسيما ونقضا يظهر ممّا ذكره ( دام ظلّه ) في الاقتضائي الإلزامي والتّخييري.
__________________
(١) فرائد الأصول : ج ٣ / ١٨١.