أقول : لا يخفى عليك أنّ التّقييد بهذا القيد إنّما هو من جهة تغاير الحكم في صورة العلم بالحالة السّابقة لما حكم به من جواز الاستصحاب بالنّسبة إلى نفس الكلّي في الجملة وإن لم يكن كذلك دائما ، فحال هذا القيد كحال القيد السّابق.
توضيح ذلك : أنّ الأمر لا يخلو من ثلاثة صور :
أحدها : ما لو علم بالطّهارة قبل حدوث ما هو المردّد بين الموجب لحدث الأكبر والأصغر.
ثانيها : ما لو علم بالحدث قبل حدوثه ، وهذا على قسمين : أحدهما : ما لو علم بالحدث الأصغر ، ثانيها : ما لو علم بالحدث الأكبر. وأمّا لو علم بالحدث المردّد فلا بدّ من أن يلاحظ الحال قبل العلم به كما لا يخفى.
ثالثها : ما لو جهل الأمر قبله.
ففي الصّورة الأولى والثّالثة : لا إشكال في جريان ما ذكره فيهما ، وأمّا في الصّورة الثّانية ، فلا إشكال في عدم جريانه فيها في كلّ من القسمين ؛ لأنّ بعد العلم بأحد الحدثين لا أثر للعلم الإجمالي بالموجب المردّد في إيجاب العلم بالنّسبة
__________________
وسيظهر وجه الأولويّة.
وأمّا إن علم بسبق الحدث الأصغر : فإن قلنا بتأثير الحدث بعد الحدث وإن كان رفعهما برافع واحد من باب التداخل المسببي فهو كذلك مثال لما نحن فيه ؛ لأن الحادث المفروض قد أثّر أثرا لا يعلم برفعه إلاّ بالجمع بين الطهارتين.
وإن قلنا بعدم تأثير الحدث بعد الحدث من باب تداخل الأسباب ـ كما هو المختار ـ فليس مثالا لما نحن فيه ، بل الأصل عدم ما يؤثّر أثرا زائدا على المعلوم.
وإن علم بسبق الحدث الأكبر فليس مثالا بكل وجه ؛ لأن الحادث لم يوجب أثرا أصلا على التقديرين » إنتهى. أنظر حاشية فرائد الأصول : ٣ / ١٩٧.