مجاري العادات في الشّرعيّات وغير الشّرعيات على العمل به ، وطلب الدّليل على رفع ما ثبت وثبوت ما انتفى ، مضافا إلى دلالة الأخبار عليه في مقامات عديدة كما لا يخفى (١) ». انتهى ما أردنا نقله.
فإنّ الحكم بحدوث ما شكّ في حدوثه في الزّمان اللاّحق مع القطع بحدوثه قبل ذلك ليس حكما باستمرار ما كان كما هو ظاهر. ومن هنا نلتجئ إلى حمل كلامه على الإلحاق الحكمي مع كمال بعده.
ثانيهما : المشكوك اللاّحق :بمعنى تعلّق الشّك بالوجود اللاّحق والثّانوي والمتأخّر وإن لم يكن زمان الشّكّ متأخّرا عن زمان اليقين كالاستصحاب في الأمور المستقبلة ؛ فإنّه لا إشكال في جريانه واعتباره فيما يترتّب أثر شرعيّ على الوجود المتأخّر ، وكما فيما عرفت في الأمر السّابق ، بل قد يفرض تقدّم الشّك وجودا على اليقين : بأن يشكّ في عدالة زيد مثلا في يوم الجمعة بالنّسبة إلى نفس هذا اليوم ، ثمّ حصل له القطع يوم السّبت بعدالته يوم الخميس مع استمرار الشّك فتأمّل. فلو لم يكن الوجود الثّانوي مشكوكا فعلا فلا يعقل جريان الاستصحاب هناك سواء علم بارتفاعه ، أو تحققه.
وإن فرض معه الشّك في الحدوث فلو حكم بالحدوث المشكوك فيه من جهة الوجود المتأخّر المعلوم كان على عكس الاستصحاب حقيقة ، ومن هنا أطلق عليه : الاستصحاب القهقري مجازا ؛ إذ مدار الاستصحاب على الحكم بالوجود الثّانوي : من جهة الوجود الأوّلي ، ومداره على الحكم بالوجود الأوّلي المشكوك
__________________
(١) نفس المصدر : ج ١ / ٢٠٠.