وضوحه قد أشبعنا القول فيه في مطاوي كلماتنا في أجزاء التّعليقة ـ وأنّ العلم الإجمالي إنّما يؤثّر في سقوط الأصل من الاعتبار فيما لم يجب الالتزام بمقتضاه في بعض الأطراف من جهة أخرى ، فالرّجوع إلى الأصل في المشكوكات لا مانع عنه بعد فرض وجوب الالتزام بسائر الأطراف من جهة العلم التّفصيلي المتعلّق بها.
والمقام نظير ما إذا علم بطهارة أشياء ، ثمّ حصل العلم بنجاسة بعضها الغير المعيّن الموافق من حيث المقدار للمعلوم بالإجمال ؛ واحتمل كونه هو المعلوم بالإجمال ، فإنّه لا إشكال في جواز الرّجوع إلى استصحاب الطّهارة في باقي الأطراف ؛ لأنّ الأصل فيه لا يعارض الأصل فيما علم بنجاسته بعدم الاحتياج في الحكم بنجاسته ووجوب الاجتناب عنه إلى إثبات كون النّجاسة الواصلة إليه غير النّجاسة الّتي علم بها إجمالا (١).
__________________
(١) قال العالم الرّباني المحقق الماهر الشيخ هادي الطهراني قدسسره :
« ومن الغريب : ان الأستاذ العلامة قدسسره زعم : ( أن المصحّح للإستصحاب ـ على تقدير بقاء العلم الاجمالي في المقام ـ عدم الحاجة إلى أصالة عدم النسخ في الأحكام المعلومة في شرعنا بالأدلّة ؛ فإنه يجب العمل بها سواء كان من موارد النسخ ام لا ؛ لما تقرّر في الشبهة المحصورة : من الأصل في بعض الأطراف إذا لم يكن جاريا أو لم يحتج اليه فلا ضير في إجراء الأصل في البعض الآخر ) هذا محصّل كلامه.
وفيه : ان الأحكام الثابتة في شرعنا ليست من أطراف الشبهة ؛ ضرورة أن وجوب العلم والنسخ متناقضان ، فعدم الحاجة إلى الأصل إنّما هو لخروج هذه الأحكام من الأطراف ، والإستغناء عن الأصل إنّما يدفع اثر العلم الإجمالي حيث كان المورد من الأطراف كما إذا