فإن قلت : قد ذكرت في الجزء الثّاني من التّعليقة : أنّ حصول العلم بمثل المعلوم بالإجمال في ضمن بعض الأطراف معيّنا بعد العلم الإجمالي لا يوجب جواز الرّجوع إلى الأصل في غيره من أطراف الشّبهة ، كما إذا علم بوصول النّجاسة إلى بعض معيّن من الأواني الّتي علم بوصول النّجاسة إلى بعضها الغير المعيّن ؛ لأنه يجب الاجتناب عن غيره ، وإلّا أمكن التّفصّي عن وجوب الاحتياط عن الشّبهة المحصورة في غالب الموارد بتنجيس بعض معيّن من أطرافها.
قلت : ما ذكرنا ثمّة إنّما هو فيما لو علم بوصول النّجاسة إلى بعض معيّن من أطراف الشّبهة غير ما علم به إجمالا لا ما إذا علم بنجاسة بعضها المعيّن بعد العلم الإجمالي واحتمل انحصار كونها المعلوم بالإجمال فيه ؛ فإنّه لا يجب الاجتناب حينئذ عن باقي الأطراف فتأمّل ، والمقام من هذا القبيل.
وبالجملة : المدّعى عدم الاحتياج إلى الأصل في وجوب الالتزام بالنّسبة إلى الأحكام المعلومة في شريعتنا ، لا أنّا نقطع بكونها من الأحكام الباقية الغير المنسوخة.
فإن قلت : ما ذكر إنّما يستقيم فيما لم يترتّب هناك أثر بالنّسبة إلى ما علم ثبوته في شرعنا من الأحكام من حيث كونها غير منسوخة ، وإلّا فيحتاج إلى إجراء الأصل بالنّسبة إليها لا محالة ، فيقع التّعارض مع الأصل في الأحكام
__________________
كان مضطرّا إلى ارتكاب بعض الأطراف قبل العلم الإجمالي بالنجاسة على سبيل التعيين والخصوصيّة ؛ فإن العلم الإجمالي حينئذ لا أثر له ؛ لاحتمال أن يكون المتنجّس ما إضطرّ إلى ارتكابه فلا يتنجّز التكليف على جميع التقادير ولا يتعقّل هذا المعنى في المقام » إنتهى.
أنظر محجّة العلماء : ٢ / ٢٦١ ـ ٢٦٢.