أقول : التمسّك باستصحاب الصّحة قد يكون في الشّك في المانعيّة وجودا أو منعا ، وقد يكون في الشّك في القاطعيّة وجودا أو قطعا ، وقد يكون في الشّك في الجزئية والشّرطيّة ، وقد يكون في الشّك في الرّكنيّة بعد ثبوت أصل الجزئيّة في
__________________
الباقية كما يظهر من المتن ، وقد يكون بمعنى أنه مزيل لوصف الصحة عن الأجزاء الماضية ، وقد يكون بمعنى أنّه مزيل لصحة الأجزاء الماضية مانع عن صحّة الأجزاء التالية ، فإن كان الثاني فلا مانع من جريان استصحاب الصحة عند الشك فيها لفقد ما يشك في شرطيته أو وجود ما يشك في ما نعيته ، وإن كان الأوّل فلا معنى لاستصحاب الصحة عند الشك للعلم بصحة الأجزاء الماضية ، وإنما الشك في وجود الصحة بالنسبة إلى الأجزاء اللاحقة ، فليس هناك شيء يمكن استصحابه كما بيّنه في المتن.
وأمّا على الثالث ، فإنه وإن أمكن إجراء استصحاب الصحّة أعنى صحة الأجزاء السابقة إلّا أنه لا يفيد بالنسبة إلى الأجزاء اللاحقة للزوم إحراز صحتها أيضا وهي مشكوكة من الأصل.
والحاصل : أنه يمكن إجراء استصحاب الصحة على بعض الوجوه ، فيمكن حمل كلام من تمسك به على ذلك الوجه.
لكن الإنصاف عدم جريانه لما عرفت من انحصار مورد جريانه بما إذا شك في الفساد بالمعنى الثاني ، ولا نعلم له مصداقا في الشرعيّات في الصوم والصلاة والحج ونحوها ، إذ ما علم لنا من مفسداتها أو شك فيه مردّد بين كونه مفسدا للسابق فقط أو اللاحق فقط أو هما معا ، والاستصحاب لا يجري إلّا إذا علمنا بأنه من القسم الأول ولم نعلم به.
ثم لا يخفي أنّ الحق من الوجوه الثلاثة المتقدمة لاتصاف العمل بوصف الصحة هو الوجه الثاني ، لأنّ الكلام في المركّب الارتباطي ، ولا معنى للارتباط سوى توقّف صحّة كلّ جزء منه على وجود الآخر وصحته ، وقد عرفت أنه لا معنى لاستصحاب الصحة على ذلك الوجه ، وقد ظهر مما ذكرنا : أنّ المصنّف في اختياره عدم جريان استصحاب الصحة بنى الأمر على الوجه الأوّل من الاحتمال الثالث بدعوى عدم معقوليّة الوجهين الآخرين » إنتهى.
أنظر حاشية فرائد الأصول : ٣ / ٢٩٥ ـ ٢٩٧.