الأجرة ونحوه فيما لو فرض وقوع الفعل بعنوان الاستئجار ، لا الحكم بحصول براءة ذمّة الغير المترتّب على الجهة الأخرى ؛ فإنّه لا يكفي فيه أصالة الصّحة ، بل لا بدّ من طريق شرعيّ آخر كعدالة الفاعل ، أو إخباره وإن لم يكن عادلا بناء على اعتبار خبر الفاسق في المقام ونحوه ممّا لا يعلم غالبا إلّا من قبل المخبر فتأمّل.
ومن هنا اشترط جماعة العدالة في المتوضّي (١) غيره ، والنّائب عن العاجز في الحجّ ، ومن الميّت في صلاته ، بل نسب اعتبارها إلى المشهور.
وأولى بالإشكال القسم الأوّل وهو ما لو كان الفاعل نائبا عن غيره ؛ فإنّه إن لوحظ الفعل من حيث قيامه بالفاعل ـ على ما هو قضيّة أصالة الصّحة ـ لم يقتض الحكم بصحّة الحكم ببراءة ذمّة المنوب عنه ؛ لأنّه ليس من آثاره ، فإثباته بها يشبه التّعويل على الأصل المثبت. وإن لوحظ من حيث كونه فعل المنوب عنه بالتّنزيل لم يجر فيه أصالة الصّحة ؛ لأنّه ليس فعل الغير. هذا حاصل ما أفاده ( دام ظلّه ) من الإشكال وإن كان بعض مواضع بيانه غير نقيّ عن الاضطراب.
ولكنّك خبير بإمكان التّفصّي عن الإشكال المذكور : بأنّ الصّحة من الجهة الثّانية من آثار الصّحة من الجهة الأولى ؛ إذ لا معنى لحكم الشارع بالبناء على صحّة فعل المتوضّي إلّا البناء على براءة ذمّة العاجز من الوضوء كاستحقاقه الأجرة لو كان فعله بعنوان الاستئجار.
وأمّا حكم بعض باشتراط العدالة في المتوضّي ، وحكم المشهور باشتراط العدالة في النّائب عن الحيّ والميّت فليس من جهة عدم كفاية أصالة الصّحة في الحكم بحصول براءة ذمّة العاجز ، أو المنوب عنه بعد إحراز كون الفاعل في مقام
__________________
(١) كذا والظاهر : الموضّىء غيره والمراد من يوضّىء غيره.