واسطة في رفع التّكليف المتوجّه إليه ؛ لاحتمال عدم إتيانه بالفعل على الوجه المعتبر في الشّرع ، والمفروض عدم ما يرفع هذا الاحتمال في الفاسق ؛ لعدم وجود الملكة الرّادعة له بخلاف العادل ؛ فإنّ ما فيه من الملكة الرّادعة تمنع من إقدامه بالمعصية. ومن هنا حكموا بعدم جواز جعله وصيّا وقيّما ووليّا في الأوقاف وغيرها.
لا يقال : إنّ مقتضى التّعليل هو التّبيّن في أمر العادل أيضا ؛ لأنّ ملكة العدالة لا توجب عصمته حتّى ينتفي مقتضى التّعليل عنه ، فالعادل والفاسق سيّان إذن بالنّظر إلى مقتضى الآية.
لأنّا نقول : الأمر وإن كان كما ذكر ـ لو كان المراد من التّبيّن هو التّبيّن العلمي على ما هو قضيّة التّحقيق عندنا : من تقديم ظهور التّعليل على ظهور القضيّة الوصفيّة ، أو الشّرطيّة في المفهوم لو فرض لها مفهوم في المقام ـ إلّا أنّ من المحتمل كون المراد من التّبيّن المعنى الأعمّ الشّامل للاطمئنان أيضا ؛ فإنّ ملكة العدالة في العادل توجب بنفسها الاطمئنان بأمره ، إلّا أنّ البناء على ذلك في غاية الإشكال. وتحقيق الكلام فيما يتعلّق بالمقام وتفصيله يطلب ممّا قدّمناه في الجزء الأوّل من التّعليقة (١) عند الكلام على الاستدلال بآية النّبأ هذا ما يقتضيه التّحقيق عندنا.
وأمّا بناء على ما هو المعروف في ألسنتهم من وجود المفهوم للآية فلا إشكال في اندفاع السّؤال المذكور ، ومن هنا بنوا على كفاية العدالة في النّائب وأمثاله وإن ذكر الأستاذ العلّامة ( دام ظلّه ) : أنّ اعتبار العدالة عندهم في هذه
__________________
(١) بحر الفوائد : ج ١ / ١٥٠.