المقامات ليس من جهة التّفصيل في جريان أصالة الصّحة عندهم فيها بين فعل العادل والفاسق ، بل من جهة اعتبار قول المخبر عن وجود الفعل عنه على الوجه المعتبر ، ولو كان بالإخبار الفعلي والحالي بمعنى كونه على حال لو سئل منه لأخبر بوجود الفعل على الوجه المعتبر ، ولو فرض فقد هذا لم يحكم بصحّة عمله ولو كان عادلا ، فالحجّة إذن غير أصالة الصّحة. هذا ملخّص ما أفاده ( دام ظلّه العالي ).
وهو كما ترى ، مبني على الإشكال الّذي ذكره في جريان أصالة الصّحة في فعل النّائب ونحوه من حيث الحكم بحصول براءة ذمّة المنوب عنه.
ولكنّك خبير بإمكان المناقشة فيما أفاده : بأنّ حمل كلامهم على ما ذكر لا قرينة له أصلا. مضافا إلى أنّه لا دليل على اعتبار خبر العادل بالمعنى المذكور سيّما في الموضوعات الخارجيّة فتدبّر.
لا يقال : لو كان الأمر كما ذكرته : من كون المستند عندهم في اعتبار العدالة في النّائب وأمثاله هو آية النّبأ لزم الحكم بعدم الفرق بين العادل والفاسق لو علم بصدور الفعل منه على الوجه الصّحيح ، أو ظنّ ذلك بالظّن الاطمئناني بناء على كون المراد من التّبيّن ما يشمل ذلك ؛ لأنّ اعتبار العدالة ومانعيّة الفسق في الآية إنّما هو من حيث الطّريقيّة لا الموضوعيّة ، وإلّا لم يكن معنى لتعليل الحكم فيها بإصابة القوم في النّدم على تقدير عدم التّبيّن.
لأنّا نقول : مقتضى القاعدة الالتزام بما ذكر على ما هو صريح غير واحد وإن كان ربّما ينافيه كلمات جماعة في بعض هذه المقامات ، إلّا أنّها ضعيفة فتدبّر.
لا يقال : لو كانت الآية مانعة من التّعويل على أصالة الصّحة في فعل الفاسق فيما يراد تحصيل البراءة عن التّكليف بفعله وأشباهه ممّا حكمت فيه باشتراط