ومن المعلوم ضرورة أنّ الموضوع الّذي لا يترتّب عليه الأثر الشّرعي أصلا لا يمكن إثباته بالأصل ؛ لأنّ معنى الحكم بثبوت الموضوع ظاهرا ليس إلّا جعل أحكامه في الظّاهر على ما عرفت الإشارة إليه غير مرّة ، وكذا الموضوع الّذي لا يترتّب عليه أثر خاصّ لا يمكن إثباته لترتيب هذا الأثر ؛ لفرض عدم كونه أثرا له ، فلا يعقل تعلّق الخطاب الشّرعي بالالتزام بثبوت الموضوع بالنّسبة إلى هذا الأثر كما هو واضح ، وإن أمكن الحكم بوجوده بالنّسبة إلى الأثر المترتّب عليه لو فرض الأمر كذلك ، والتّفكيك لا محذور فيه إذا كان مبناه على الظّاهر كما هو ظاهر.
وهذا هو المراد بما أفاده ( دام ظلّه ) ؛ لأنّ عدم المسبّب من آثار عدم السّبب لا من آثار ضدّه ، وإن فرضنا أنّه يترتّب عليه آثار أخر ؛ حيث إنّ عدم جواز إثبات الضّد بناء على اعتبار الأصل المثبت من جهة عدم ترتّب الفساد عليه ، وإن فرض له أثر شرعيّ غيره حكم به من جهة ترتّب الحكم المذكور بناء على القول المذكور لا مطلقا. فما أفاده مبنيّ على الإغماض عن مذهب الحقّ من عدم اعتبار الأصل المثبت.
وأمّا الوجه في عدم ترتّب الفساد على العقد الصّادر من غير البالغ ، فهو : أنّ الفساد عبارة عن عدم ترتّب الأثر ، كما أنّ الصّحة عبارة عن ترتّبه ، فإذا استندت الصّحة إلى شيء ، فلا بدّ من أن يستند الفساد إلى نقيضه لا إلى ضدّه ؛ ضرورة أنّ عدم المسبّب مستند إلى عدم السّبب بناء على القول بكون الأعدام معلّلة لا إلى ضدّه ، فإذا استندت الصّحة إلى العقد الصّادر من البالغ فلا بدّ من أن يستند الفساد إلى عدم صدور العقد عن البالغ الّذي هو نقيض صدوره عن البالغ إلى صدوره عن