وكان زياد يعرف أباه عبيد الرومي حين قبل هذا الاستلحاق وفرح به ، وقد نهى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) عن هذا الإستلحاق وأمثاله حين قال : ـ فيما روى الشيخان ـ ( ومن ادّعي لغير أبيه فليتبوأ مقعده من النار ) وحين قال : ـ فيما رواه الشيخان أيضاً ـ ( من رغب عن أبيه فهو كفر ) (١) » (٢).
٤ ـ قال الدكتور عليّ سامي النشار في كتابه نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام : « ولو عاد الأمر ـ بعد عليّ إلى المسلمين الخلّص لكي يحكموا المسلمين وحرم منه ابنا فاطمة الزهراء ـ لما تضخمت المسائل وكبر الحب وعظم ، وكبرت السخيمة وعظمت ، ولكن الأمر عاد إلى معاوية بن أبي سفيان ، ولم يكن المسلمون قد تناسوا أباه الغنوصي القائم هذا الثنوي المجوسي الّذي لم يؤمن أبداً ، وسرعان ما أطلقوا على معاوية الطليق ابن الطليق والوثني ابن الوثني ، ومهما قيل في معاوية ومهما حاول علماء المذهب السلفي المتأخر وبعض أهل السنّة
____________________
(١) من السخرية بعقول المسلمين ما قاله ابن تيمية في مسألة الاستلحاق هذه ، فهلمّ فاقرأ ما يقول : « وكذلك استلحاق معاوية ( رضي الله عنه ) زياد بن أبيه المولود على فراش حارث بن كلدة ، لكون أبي سفيان كان يقول : إنّه من نطفته مع ان رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) قد قال : ( من ادعى لغير أبيه فالجنة عليه حرام ) وقال : ( من ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين ولا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً ) حديث صحيح ، قضى أن الولد للفراش ، وهو من الأحكام المجمع عليها ، فنحن نعلم أن من انتسب إلى غير الأب الّذي هو صاحب الفراش فهو داخل في كلام رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) مع انّه لا يجوز أن يعيّن أحداً دون الصحابة فضلاً عن الصحابة ( رضي الله عنهم ) فيقال : ( إن هذا الوعيد لاحق به لإمكان أنّه لم يبلغهم قضاء رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بأن الولد للفراش واعتقدوا لمن أحبل أمه ، واعتقدوا أن أبا سفيان ( رضي الله عنه ) هو المحبل لسمية أم زياد ، فإن هذا الحكم قد يخفى على كثير من الناس قبل انتشار السنّة ، مع أن العادة في الجاهلية كانت هكذا ، أو لغير ذلك من الموانع المانعة هذا المقتضي للوعيد أن يعمل عمله من حسنات يمحو السيئات غير ذلك ) نقلاً عن رفع الملام عن الأئمة الأعلام / ٣٢ نشر المكتبة العلمية ( باب الرحمة ـ المدينة المنورة ). فاقرأ ولا تعجب فكم له من نظير.
(٢) روح المعاني الجزء / ١٥ ط المنبرية.